الثلاثاء, 16 سبتمبر 2025 10:24 PM

دراسة: 60% عجز في دخل الأسرة السورية عن تأمين الاحتياجات الأساسية.. وخبير يقترح حلولاً لتفعيل السوق

دراسة: 60% عجز في دخل الأسرة السورية عن تأمين الاحتياجات الأساسية.. وخبير يقترح حلولاً لتفعيل السوق

ترى معظم المدارس الاقتصادية أن سلامة الأسرة هي أساس سلامة الاقتصاد لأي بلد. وقد أدركت المجتمعات المتقدمة هذه المعادلة مبكراً، وركزت على تحسين دخل الأسرة وتوفير سبل الراحة من صحة وتعليم، لبناء اقتصاد متكامل. أما في سورية، فالأسرة ما زالت تبحث عن مقومات تحسين معيشتها منذ عقود.

الواقع يشرح حاله..!

الواقع المعيشي صعب، والأسباب متعددة، والفجوة تزداد بين الدخل والمطلوب للعيش. آلاف الأسر تعيش تحت خط الفقر، والبحث عن الرزق ينتهي عند نقطة البداية بسبب نقص فرص العمل. نظام سابق زاد الفجوة المعيشية، وحكومة جديدة تحاول تقديم الحلول.

هذا الواقع يطرح تساؤلات حول معيشة الأسرة في ظل ارتفاع الأسعار، والتكلفة الفعلية للمعيشة، وهل انخفضت التكلفة مقارنة بالمرحلة السابقة، خاصة قبل زيادة الرواتب الأخيرة؟ ما المطلوب لردم الفجوة التي ما زالت تتسع، رغم انخفاض أسعار بعض السلع الضرورية ثم عودتها للارتفاع؟ وهل بدأت المفاعيل الإيجابية للزيادة الأخيرة بالتآكل؟

خبير اقتصادي: مستوى معيشة الأسرة يشير إلى مستوى عدالة توزيع الثروة الوطنية وكيفية إدارتها لمصلحة الاقتصاد والمجتمع

تعددت الأسباب

الجميع يعرف هذا الواقع، خاصة الشريحة الواسعة من الأسر، مقابل أسر تحتفظ بمعيشة أفضل. تحدث أهل الخبرة في الاقتصاد عن الحلول، لكن معظمها سقط بسبب فقدان الموارد، وسوء التخطيط، وترهل الإدارات، والفساد الذي طال مفاصل العمل الإداري والاقتصادي.

عدالة توزيع الثروة

تطالب المدارس الاقتصادية بتحسين واقع الأسرة قبل أي خطوات حكومية. الدكتور فادي عياش، الخبير الاقتصادي، يؤكد أن مستوى المعيشة يشير إلى مستوى وعدالة توزيع الثروة الوطنية، وكيفية إدارة هذه الثروة لمصلحة الاقتصاد والمجتمع.

المستوى المعيشي يعتمد على عوامل مثل الدخل، جودة وتوفر العمل، تباين الفئات، مستوى الفقر، جودة المساكن، عدد ساعات العمل اللازمة لشراء الضروريات، الناتج المحلي الإجمالي، نسبة التضخم، عدد أيام الإجازات، توفر الرعاية الصحية والتعليم، متوسط العمر، حوادث الأمراض، تكلفة البضائع والخدمات، البنية التحتية، النمو الاقتصادي، الثبات الاقتصادي والسياسي، الحرية السياسية والدينية، جودة البيئة، الطقس والأمان. أين الواقع السوري من هذه المعايير؟

قياسات مختلفة

الإجابة تحمل الكثير من المفردات التي توضح انطباق تلك المعايير على واقع الأسرة السورية. يقدم عياش إجابة تحمل مفردات القياس المختلفة لمستوى المعيشة، والتي تتم بطرق مختلفة، مع عدم خلوه من بعض السلبيات. يمكن تقييم مستوى المعيشة بمعرفة نسبة إنفاق المواطنين متوسطي الدخل على احتياجاتهم الأساسية. يمكن استخدام متوسط الإنفاق الفردي على الغذاء كمقياس، لكن هذا الأسلوب لا يظهر كل شيء. يمكن أيضاً قياس مستوى المعيشة بقسمة مجموع إنفاق القطاع الخاص على عدد السكان.

نواجه في سوريا عوائق كثيرة تعيق تحديد دقيق لمستوى المعيشة بسبب ظروف الحرب ومنعكساتها.

من باب التبسيط

يضيف الخبير: من باب التبسيط، وبالاعتماد على المفهوم النسبي ولتقديرات تتعلق بإجمالي الناتج المحلي، وعدد السكان المقيمين، ومتوسط عدد أفراد الأسرة، ومعدل الإعالة، وكذلك معدل قيمة الحوالات الخارجية، ومعدلات التضخم، يمكن مقاربة مستوى المعيشة في سورية بشكل موضوعي، بالاعتماد على المقارنة بين تكلفة سلة الاحتياجات الأساسية (المكونة من 8 حاجات أساسية المعتمدة من المكتب المركزي للإحصاء وبأسعار الحد الأدنى في دمشق- عالمياً تتكون من 13 حاجة)، وبين متوسط الدخل المتاح من جهة، وكذلك نسبة الإنفاق على الغذاء كأحد المكونات الرئيسية في سلة الاحتياجات الأساسية من السلع والخدمات من جهة أخرى.

أظهرت دراسات أن متوسط حاجة الأسرة للإنفاق تتراوح بين 9 و 12 مليون ليرة شهرياً، بينما متوسط دخل الأسرة يبلغ حوالي 3.5 ملايين ليرة، ما يعني عجزاً بنسبة 60% في تأمين الاحتياجات الأساسية. نسبة الإنفاق على الغذاء لا تقل عن 40%، وهو معدل كبير يتجاوز المؤشرات العالمية التي تفترض ألا يتجاوز الإنفاق على الغذاء 25% من الإنفاق الإجمالي.

مستوى الكفاف

مستوى المعيشة في سوريا متدنٍ جداً، ولا يحقق حتى مستوى الكفاف من السلع والخدمات الضرورية، رغم محاولات التحسين بعد التحرير، حيث تحسن سعر صرف الليرة، وانخفضت أسعار السلع الاستهلاكية، وزاد المعروض السلعي. لكن يسود ركود في الأسواق بسبب نقص المعروض النقدي الناتج عن تأخر صرف الرواتب وتجميد السيولة.

لم ينعكس هذا التحسن على مستوى المعيشة، فمقابل انخفاض أسعار السلع الاستهلاكية، تمت زيادة أسعار السلع المدعومة، وحافظت الإيجارات على قيمها، وزادت أسعار الخدمات الأخرى، مع بقاء الرواتب ثابتة وتأخرها. لذلك، من المهم صرف الرواتب بسرعة وزيادتها بما يتناسب مع تحرير أسعار السلع المدعومة ومعدلات التضخم، وتخفيف القيود على السيولة لتفعيل الطلب في السوق.

الدخل الشهري للأسرة السورية يعجز عن تأمين كامل الاحتياجات الغذائية بالشكل المرضي وما تبقى من احتياجات فهو العجز الأكبر..!

في النهاية

المشكلة عادت للتأزم بعد انفراجات ملموسة، فقد اتسعت الفجوة بين الأجور والحاجة الفعلية للإنفاق. الأسعار في ارتفاع مستمر، وهناك نشرة أسعار جديدة كل يوم، وتفاوت في الأسعار بين تاجر وآخر، ما يؤسس لحالة من القلق.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: