أ. د. جورج جبور، صاحب فكرة يوم اللغة العربية بقرار حكومي سوري وحامل وسام القديسين بطرس وبولص، يكتب صباح الثلاثاء 12 آب:
كان من المفترض أن يكون يوم أمس "يوم القراءة"، تذكيراً بـ "اقرأ". متى بدأ نزول الوحي؟ في 15 آب 610 م، كما ورد في كتاب عن السيرة النبوية أهداه لي الشيخ د. محمد حبش قبل نحو ثلث قرن، ثم أهداني طبعة منقحة منه مع إيضاح لظروف التنقيح.
15 آب هو تاريخ مرجح، وهناك تاريخ آخر بدا أكثر رجحاناً لصديق مسؤول، وهو 10 آب. ومن 10 آب استمددت فكرة "يوم القراءة" في 11 آب. إذن، إما أن الذكرى السنوية الأولى لبدء النزول قد مرت، أو أنها ستمر قريباً. لن يحدث في أول ذكرى لـ "اقرأ" بعد انتصار الثورة ما أملت أن يحدث، وهو العودة إلى أصل الاقتراح الذي انطلق من جامعة حلب: "يوم للغة العربية موعده 'اقرأ' ".
الموعد المعتمد ليوم لغتنا شاذ في جوهره عن مواعيد بقية الأيام العالمية. نحتفي بيوم الإنجليزية فنتذكر شكسبير، ونحتفي بالروسية فنتذكر بوشكين، ونحتفي بالصينية فنتذكر سان حيه، فإذا احتفينا بالعربية فسنتذكر "الأمم المتحدة". هكذا شاء أحد ما. وهذا الأحد الذي لم أستطع بعد معرفة اسمه أو موقعه، هو إما جاهل لا يعرف شيئاً عن غنى تاريخنا الثقافي، أو خبيث يود أن يحرمنا من التمتع به. وفي كل حال فقد رضينا. منذ عام 2012 نحتفي بيوم لا يقبل عليه الناس بحماسة واندفاع.
فقط في عام 2021 تيقظت سورية إلى حقيقة أن من حلب كانت الفكرة. لماذا حجبت ما يصح أن يبرز ويفتخر به؟ وفقط بمناسبة اقتراب موعد يوم اللغة عام 2023 أعلمت سورية اليونسكو رسمياً بأن من جامعة حلب أطلق فلان الفكرة. وحتى تاريخه لم تتوجه سورية بهذا العلم إلى المنظمتين اللتين العربية فيهما هي لغة العمل الوحيدة أو الأولى. أقصد بذلك الألكسو والإيسيسكو. لماذا هذا الكسل الرسمي السوري في التعريف باقتباس إبداعي قام به مواطن سوري؟ هل سورية مجتمع تنافر أم مجتمع تضامن؟
فشلت حتى اليوم محاولات عديدة بذلتها لكي تقوم سورية بخطوة تهدف إلى تصحيح الظلم الذي تعرضت له ثقافتنا العربية نتيجة تحديد يوم 18 كأول موعد ليوم لغتنا. لعل العقبة التي حالت دون انفتاح سورية على محاولاتي كمنت في أجواء الفوضى التي سادت سورية في الوقت الذي أصدرت به اليونسكو قرارها عام 2012. لعل العقبة كمنت في أمر أدق خلاصته أن من يطلق فكرة تعديل موعد يوم اللغة ليس من ذوي الاختصاص باللغة العربية، وقمتهم المجمعيون، بل لعل العقبة كمنت في مكان ثالث لا أتبينه.
في كل حال، ومضت بارقة مبشرة في 6 آب، قبل أيام قليلة، وكلي أمل أنها مثمرة. توغلت لدى كثيرين فكرة دقيقة مؤداها أن الموعد الراهن غير ملائم، وأن من الواجب تعديله، وأن ذلك التعديل ملك يد سورية ومعها أيادي الدول العربية والإسلامية أولاً والصديقة ثانياً.
أنهي مقال اليوم بكلمات أقولها في محاضرة بعد يومين مدعواً من هيئة ثقافية بالغة الاحترام هي الجمعية الجغرافية السورية.
صباح الثلاثاء 12 آب 2025، (موقع اخبار سوريا الوطن-2)