الإثنين, 6 أكتوبر 2025 08:19 PM

دير الزور: عودة متعثرة في ظل ارتفاع الإيجارات وصعوبة ترميم المنازل

دير الزور: عودة متعثرة في ظل ارتفاع الإيجارات وصعوبة ترميم المنازل

على الرغم من مرور عدة أشهر على الاستقرار الأمني النسبي في مدينة دير الزور، إلا أن أزمة السكن لا تزال تتفاقم. يعاني السكان العائدون من ارتفاع جنوني في إيجارات المنازل، بالإضافة إلى ضعف القدرة على ترميم منازلهم المدمرة، مما يدفع أعدادًا متزايدة منهم إلى السكن في ظروف معيشية صعبة.

إيجارات خيالية في ظل غياب الحلول

أفاد الأهالي بأن سعر إيجار المنزل الواحد يصل إلى مليون ليرة سورية شهريًا، هذا إن توفر أصلاً. وفي هذا السياق، أوضح منير الحمد، أحد سكان دير الزور، أن "الغلاء فاحش، وإيجار البيت المسروق اليوم يصل إلى مليون ليرة إذا توفر". وأشار إلى أن معظم العائدين لا يملكون خيارًا سوى السكن في هذه المنازل، لعدم وجود بدائل أخرى ميسورة التكلفة. وأضاف الحمد أن "الإيجار يُدفع مقدمًا عادةً، مما يزيد الضغط على الأسر التي تعيش على الحد الأدنى من الدخل".

ترميم المنازل: حلم بعيد المنال

على الرغم من الرغبة القوية لدى العائدين لإعادة تأهيل منازلهم، إلا أن حركة الترميم لا تزال "ضعيفة جدًا"، كما وصفها الحمد، بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء والخدمات المرتبطة بها. وأوضح أن "ترميمًا عاديًا لمنزل، وليس سوبر ديلوكس، يحتاج إلى 6 آلاف دولار"، وهو مبلغ كبير بالنسبة لغالبية السكان الذين يعانون من انهيار القدرة الشرائية وانعدام مصادر الدخل المستقرة. وأشار إلى أن تكاليف المواد الأساسية أصبحت باهظة، فمثلاً "الباب من النوع الثالث يكلف 150 دولارًا"، في حين أن أجور العمال والنقل تضاعفت، مما يجعل مشروع الترميم شبه مستحيل دون دعم خارجي.

نداءات للمنظمات الإنسانية

في ظل غياب دور رسمي فاعل لضبط سوق الإيجارات أو دعم العائدين، يلجأ السكان إلى المنظمات الإنسانية كملاذ أخير. يقول الحمد: "نحن نحاول إيصال صوتنا إلى المنظمات علّها توفّر تجهيزات، ولو غطّت جزءًا من التكاليف"، لكنه يضيف بمرارة: "لم أحصل على شيء، والشتاء آتٍ، ولا أبواب في بيتي". وتابع قائلًا: "الفرق بين بيتي والخيمة هو السقف فقط"، في إشارة إلى أن السكن في منزل غير مُصلح لا يختلف كثيرًا عن العيش في مأوى مؤقت.

غياب الرقابة وتفاقم الأزمة

حتى الآن، لا توجد إجراءات حكومية أو محلية واضحة لضبط سوق العقارات أو فرض سقوف سعرية على الإيجارات، مما يترك المجال مفتوحًا أمام الملاك لرفع الأسعار دون رادع. وفي ظل غياب خطط إسكانية شاملة، تزداد معاناة العائدين، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء، حيث يصبح السكن اللائق ضرورة لا رفاهية.

أحياء مدمرة والأهالي ينتظرون تحسن الأمور

يُشار إلى أن مدينة دير الزور تضم سبعة وعشرين حيًا سكنيًا، تم تدمير أربعة وعشرين حيًا منها من قبل نظام الأسد السابق، ولم يبقَ سوى ثلاثة أحياء قابلة للسكن. وقال مالك العبيد، من سكان المدينة، إنه بعد تحرير المدينة، بدأ الأهالي بالعودة إلى ديارهم ليجدوها مدمرة بالكامل، ما شكّل صدمة لهم انعكست على اللاجئين في بلدان الاغتراب، الذين قرروا عدم العودة في الوقت الراهن، ريثما تتحسن الأمور في تلك المدينة المدمرة وتُزال الأنقاض والركام، وهو ما يستغرق زمنًا لا بأس به، مما يستدعي بذل جهود محلية ودولية لإعادة إعمار المدينة المنكوبة وعودة أهلها اللاجئين والنازحين من دول الاغتراب.

ويُجمع السكان على أن الحل لا يكمن فقط في خفض الإيجارات، بل في توفير دعم مباشر لإعادة الإعمار، وتفعيل دور المنظمات الدولية، وفرض رقابة صارمة على سوق العقارات لمنع الاستغلال.

مشاركة المقال: