غيّب الموت أمس (الأحد) في الولايات المتحدة الأمريكية الباحث والفنان الموسيقي السوري "سعد الله آغا القلعة" عن عمر ناهز الـ 75 عاماً، بعد صراع طويل مع المرض، تاركاً خلفه فراغاً كبيراً في عالم الموسيقى والبحث الموسيقي عزفاً وإبداعاً وتعمقاً.
ولد الدكتور "سعد الله آغا القلعة" في مدينة حلب عام 1950، وكان للوسط العائلي الأثر الأكبر في توجهه للعلم وللفن، فوالده الدكتور "فؤاد رجائي آغا القلعة" كان طبيب أسنان وباحثاً موسيقياً له العديد من الدراسات الموسيقية، من أهمها كتابه الشهير "من كنوزنا" الذي وثق فيه للموشحات الأندلسية وعلاقتها بالموسيقى، كما كان أول مدير إلذاعة حلب، وأول مدير لمعهدها الموسيقي الذي افتتحه على نفقته الخاصة نهاية الأربعينات من القرن الماضي وكانت الدراسة فيه مجانية.
تعلم "سعد الله آغا القلعة" الموسيقى مبكراً وروى في حوار أجري معه أنه بدأ بتعلم الموسيقى في سن الرابعة، أي قبل أن يذهب إلى المدرسة، مستفيداً من أن والده الدكتور فؤاد رجائي آغا القلعة، وأضاف الراحل في الحوار المذكور أن هذه السمة التي طبعت مساره في مواجهة الحياة، فكانت الموسيقى ركيزة أولى والعلم ركيزة ثانية، كما كانت طبعت مسار والده طبيب الأسنان والباحث في تاريخ الموشحات الأندلسية ومؤسس ومدير إذاعة حلب ومعهدها الموسيقي في آن معاً.
ودرس لاحقاً الموسيقى في المعهد الموسيقي في حلب بين عامي 1956-1966 على يد كبار الفنانين والأساتذة في حلب، وخاصة الأستاذ "شكري الأنطكلي"، ثم أصبح مدرساً لآلة القانون في المعهد ذاته، بعد تحوله ليكون معهداً تابعاً للدولة –مع الاستثناء من شرط السن الأدنى للمدرسين فيما بين عامي 1967-1972.
وسافر آغا القلعة لاحقًا إلى فرنسا لإعداد الدكتوراه في الهندسة، وعند عودته إلى سوريا أستاذًا للهندسة وبرمجة الحاسوب في جامعة دمشق، بدأ في كتابة العديد من الدراسات والأبحاث في الموسيقى العربية.
وساهم في نشر أبحاثه تلفزيونياً، وحقق 300 ساعة بث، وأطلق مشروعه الهام "كتاب الأغاني الثاني" الذي يعتبر تأسيساً لنهضة عربية موسيقية جديدة، وإضافة إلى ذلك نشر العديد من الكتب العلمية والهندسية والموسيقية.
وكان الباحث والفنان الراحل بارعاً في العزف على آلة القانون، وعضو في جمعيات المهندسين والفنانين والمعلمين السوريين، ومؤسس مشارك للجمعية العلمية السورية للمعلوماتية.
وعُيّن وزيراً للسياحة عن المستقلين، في أوّل وزارتين تُشكلان في عهد المخلوع بشار الأسد، في الفترة ما بين 13 ديسمبر 2001 – 29 مارس 2011.
وحصل الراحل الذي كان يعيش في "نيوبورت بيش"- كاليفورنيا خلال حياته على العديد من الجوائز، وقام بنشر العديد من الكتب العلمية والهندسية والموسيقية كما تم تكريمه في دمشق والقاهرة وتونس.
ووفق معلومات منشورة على "الموسوعة الحرة" يتميز سعد الله آغا القلعة موسيقيًا بميله إلى توظيف التقنيات الحديثة، وخاصةً الحاسوب وقواعد البيانات، في البحث الموسيقي العربي بطرق غير مسبوقة.
وطوّر نظامًا معلوماتيًا للموسيقى العربية، ووضعه في خدمة تحليل الموسيقى العربية، ثم بدأ بنشر أبحاثه على التلفزيون، مطبقًا أحدث مناهج التحليل الموسيقي والمقارن، معتمدًا على تخصصه في الموسيقى والهندسة والمعلوماتية في آنٍ واحد، بالإضافة إلى كفاءته العالية في التقديم التلفزيوني.
