الثلاثاء, 29 أبريل 2025 07:35 PM

زيارة دروز سوريا لإسرائيل تثير انقسامًا حادًا: هل هي ذات أبعاد دينية أم مخطط لتقسيم البلاد؟

زيارة دروز سوريا لإسرائيل تثير انقسامًا حادًا: هل هي ذات أبعاد دينية أم مخطط لتقسيم البلاد؟

قام وفد مشايخ كبير من السويداء بزيارة مقام النبي شعيب في الداخل الإسرائيلي، وهي الزيارة الثانية لدروز سوريا إلى إسرائيل، تحمل بظاهرها طابعاً دينياً، إلا أن لها أبعاداً سياسية تهدف إلى استغلال العلاقات الاجتماعية بين دروز سوريا وإسرائيل، وتنفيذ مشاريع من خلف الكواليس.

هذه المشاريع حذّر منها الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع، وهي المشاريع التقسيمية القائمة على أسس مذهبية وطائفية. وترسم مصادر المشهد على الشكل التالي: "استقطاب جزء من دروز السويداء إلى إسرائيل وتغذية الأفكار الانفصالية لديهم ودفعهم لتشييد كيانهم المذهبي الخاص، كخطوة أولى في عملية تقسيم سوريا إلى دويلات مذهبية".

الموقف المؤيّد للزيارة الدرزية لإسرائيل، التي شملت مشايخ من السويداء وريف دمشق وجبل الشيخ، يقوم على مبدأ ديني، وباعتقاده، فإن الزيارة تحمل بعداً "روحياً" وهي منفصلة عن الزواريب السياسية، في حين ثمّة موقف معارض تعبّر عنه المصادر المتابعة، فتقول إن الانقسام في الرأي هو بين "أقلية في السويداء مؤيّدة لهذه الزيارة، وجو أوسع معارض" بتقديرها.

وفي هذا السياق، عبّر عدد من وجهاء السويداء، بينهم الرئيسان الروحيان للطائفة حمود الحناوي ويوسف الجربوع، والأمير حسن الأطرش، عن الجو المؤيّد للاندماج بالدولة السورية. وقال الحناوي في وقت سابق إن "مطالبنا العامة تشمل بناء الدولة بشكل مدني وحضاري وتأسيس دستور للبلاد وإجراء انتخابات عادلة تضم جميع فئات الشعب السوري".

للموقف المعارض للزيارة قراءة سياسية تقوم على مبدأ استغلال إسرائيل للأقليات المذهبية والسياسية وتوظيفهم في سياق مشاريعها التوسعية أو التفتيتية. وفي هذا السياق، تذكّر المصادر بتجربة "جيش لبنان الجنوبي" الذي "تعاملت معه إسرائيل ثم تملّصت منه" حينما قضت مصلحتها، مشيرةً إلى الشبه بين الحالتين و"استخدام الأقليات كأدوات بلعبة مصالح إقليمية دولية".

هذا الانقسام في الرأي يستتبع إشكالات أمنية اجتماعية في الداخل السوري، والمصادر تربط بين مشهد زيارة دروز لإسرائيل وتحريض الشيخ حكمت الهجري ضد السلطات السورية الانتقالية من جهة، والإشكالات التي حملت طابعاً طائفياً في بعض الجامعات في دمشق وحمص وحتى بعض المناطق، بين دروز وآخرين من الطائفة السنّية مناصرين للشرع.

بتقدير المصادر، هذا الجو السلبي الذي أشاعته الزيارة وتصريحات الهجري ضد الدولة السورية وحكومتها الانتقالية، رسم صورة مفادها أن الدروز مبادرون للتطبيع مع إسرائيل ومؤيدون للمشاريع التقسيمية على حساب الدولة السورية، ما استتبع توتراً في الشارع ترجم بإشكالات في بعض الجامعات وعلى بعض الطرقات، وفق قراءة المصادر.

وفي هذا السياق، نقل موقع "السويداء 24" معلومات عن تدخّل قوّة من الأمن العام لفض التجمعات في الجامعات وتوقيف الطلاب الذين اعتدوا على زملاء دروز لهم في الجامعة.

إلى ذلك، دفعت وزارة الدفاع السورية رواتب عدد من الضبّاط المتقاعدين، وهي خطوة في سياق الخطوات التي تهدف إلى تحقيق الاندماج بين السويداء والحكومة السورية، وتكشف المصادر عن سلسلة خطوات أخرى كتطويع شبّان دروز في الأمن العام، وفتح المجال للشرطة للعمل في السويداء وجرمانا، وهو الجو المقابل لجو التقسيم والانفصال.

في المحصّلة، فإن جو الانقسام يسود دروز سوريا، ولم يتم الاتفاق على صيغة نهائية، لكنّ جهدين متضادين يُبذلان، ففي حين تشدّد السلطات السورية على "إبقاء سوريا موحّدة" وتعمل على خط السويداء – جرمانا – دمشق من أجل تحقيق الاندماج، تستمر المحاولات الإسرائيلية لتعزيز ظاهرة الانفصال.

مشاركة المقال: