الأحد, 7 ديسمبر 2025 12:12 AM

سوريا بعد عام من التحرير: احتفالات ودلالات سياسية واجتماعية نحو مستقبل جديد

سوريا بعد عام من التحرير: احتفالات ودلالات سياسية واجتماعية نحو مستقبل جديد

مع مرور عام على التحرير، تستمر الاحتفالات الشعبية في مختلف المدن السورية احتفاءً بالذكرى السنوية الأولى لإسقاط نظام الأسد. يعكس هذا المشهد تطورات سياسية واجتماعية هامة، ويطرح دلالات تكشف عن مراحل جديدة في مسار سوريا بعد سنوات من الصراع.

الاحتفالات التي جذبت أعداداً كبيرة من المواطنين تحمل رسائل سياسية واجتماعية تتراوح بين التفاؤل والتحديات التي تواجه البلاد. ووفقاً لمصادر إعلامية، تُعتبر هذه الاحتفالات تجسيداً للانتقال من مرحلة الصراع إلى مرحلة الاستقرار السياسي، مع التركيز على تجديد الالتزام بالوحدة الوطنية وبناء دولة جديدة تمثل جميع السوريين. المشاركة الواسعة تشير إلى رغبة جماعية في تجاوز الانقسامات التي نشأت خلال سنوات الحرب التي شنها نظام الأسد على السوريين، مع تأكيد أن السلطة الجديدة تسعى إلى إعادة بناء سوريا كدولة موحدة بعيداً عن التوترات الطائفية والعرقية.

من ناحية أخرى، قد يُنظر إلى هذه الاحتفالات على أنها تحمل رسالة حول استقرار الوضع الأمني. ووفقاً للمصادر، هناك محاولات لإظهار قدرة الحكومة على ضبط الأمن، ما يعكس إصراراً على الحفاظ على النظام في ظل التحديات المستمرة. لذا، يُنظر إلى هذه الاحتفالات كدليل على استقرار الأوضاع في أغلبية المناطق، على الرغم من التحديات الأمنية في مناطق أخرى.

تمثل الاحتفالات في الذكرى السنوية الأولى بداية مرحلة تعاف اجتماعي بعد سنوات من النزاع. عودة التجمعات الشعبية في الساحات العامة، وارتفاع مشاركة الشباب والعائلات، يؤشر إلى رغبة السوريين في العودة إلى الحياة المدنية الطبيعية. هذا التطور يعتبر علامة على محاولة تجاوز الآلام الجماعية الناتجة عن سنوات الحرب، حيث يسعى الناس إلى استعادة حياتهم اليومية المعتادة.

بدأ يبرز توجه نحو تشكيل هوية وطنية جديدة، تركز على قيم المواطنة والمساواة أمام القانون. الشعارات التي رفعتها الحشود مثل “دولة القانون” تعكس تحولاً اجتماعياً نحو هوية سورية شاملة بعيداً عن الاصطفافات القديمة، ما يعكس رغبة في تجاوز الانقسامات التي كانت تسيطر على المشهد الوطني خلال السنوات الماضية.

خلال عامها الأول، نجحت الحكومة في تصويب عمل مؤسسات حكومية أساسية، مثل الوزارات الخدمية والمحاكم وأقسام الشرطة، في خطوة تعد بداية مهمة نحو إعادة بناء الدولة، إلا أن العديد من المناطق ما زالت بحاجة إلى المزيد من الجهود لإعادة الحياة إلى مؤسساتها.

بدأت الحكومة بتنفيذ خطط اقتصادية مثل تحفيز المشاريع الصغيرة وفتح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار فيما يمكن اعتباره بداية جيدة لتحريك عجلة الاقتصاد في مناطق عدة، يضاف إلى ذلك الحوار الوطني، الذي جمع ممثلين عن مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية في محاولة لصياغة رؤية مشتركة لسوريا المستقبل، بما يعكس رغبة في تشكيل نظام سياسي يشمل السوريين كافة.

في المحصلة، تعكس الاحتفالات الشعبية المستمرة بالذكرى الأولى للتحرير رغبة الشعب السوري في بناء مرحلة جديدة من الوحدة والاستقرار بعد سنوات من الحرب. فرغم الإنجازات التي تحققت، من الواضح أن الطريق ما زال طويلاً، مع إدراك أن المرحلة الانتقالية تتطلب بناء أسس قوية ومستدامة، مع التركيز على معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية الملحة، لضمان مستقبل أفضل لجميع السوريين.

الوطن

مشاركة المقال: