السبت, 22 نوفمبر 2025 12:56 AM

سوريا: تحديات الهوية الوطنية في مواجهة الانقسامات الطائفية والإثنية

سوريا: تحديات الهوية الوطنية في مواجهة الانقسامات الطائفية والإثنية

يشير الدكتور بشار عباس إلى أن الروابط ما قبل الوطنية التي ظهرت في المجتمع السوري تتطلب تحليلًا معمقًا لأسبابها. ويرجع ذلك إلى انقطاع التطور الطبيعي للمجتمعات العربية، والفشل في بناء دول ديمقراطية حديثة. فالأنظمة غير الديمقراطية غالبًا ما تكون عسكرية أو قبلية أو طائفية، أو تخضع لسيطرة طبقة أو مافيا تستغل الدولة لمصالحها الخاصة. ويؤكد على حاجة المجتمعات العربية الماسة إلى نهضة ثقافية وفكرية وإصلاح ديني، وهو هدف لم يتحقق بعد.

وفيما يتعلق بالنظام السوري، يوضح الدكتور عباس الفرق بين طائفية الطائفة، التي يستغلها أعداء الشعب السوري، وإصرار النظام الأسدي على تأجيج الصراع الطائفي والعرقي بين مختلف الطوائف والمكونات العرقية. ويرى أن النظام تعامل مع جميع الطوائف بأسلوب طائفي لضمان بقائه في السلطة، وعمل على تكريس النزعات ما قبل الوطنية ليس فقط بين الأقليات، بل أيضًا بتغذية الشعور الطائفي لدى الأغلبية.

ويشدد على ضرورة مواجهة مشكلة تشتت الهوية بصراحة وشفافية، حيث عاش السوريون حالة إنكار لهذه المشكلة، إما بسبب مصالحهم المباشرة أو الخوف من الأجهزة القمعية والإيديولوجية المهيمنة. ويرى أن السلطة كانت تعتبر أي نقاش علني للمشكلة خروجًا على الروح الوطنية أو ممارسة سياسية تخدم أعداء سوريا، وفي مقدمتهم إسرائيل. وعندما تفجر الوضع في ربيع 2011، انطلقت العواطف المكبوتة، وصار الجميع يتبارى في إظهار مكبوتات العقود الماضية، بتشجيع وتحريض من السلطة الأسدية (بالنسبة للعلويين) ومن الدول الخليجية (بالنسبة للسنة) ومن الولايات المتحدة (بالنسبة للأكراد وباقي المكونات الإثنية).

ويذكر أن الشرط الأساسي للبدء بالحروب الأهلية هو شيطنة الطرف الآخر، وحذف أية مسؤولية إنسانية أو أخلاقية عن قتله. ويشير إلى ممارسات تقشعر لها الأبدان وإقصاء للأشخاص الذين يدعمون الحل السياسي.

ويوضح أنه خلال فترة حكم آل الأسد، تم القضاء على التيارات الوطنية الديمقراطية في أوساط العلويين وفي سائر الطوائف والمناطق السورية. ويذكر مثالًا على ذلك تعذيب رفعت الأسد لحسن الخير، وهو علوي من القرداحة، وقتله بسبب قصيدة انتقد فيها نظام الأسد.

ويختتم بأن المشكلة الطائفية والإثنية في سوريا معقدة وتراكمت عبر الزمن، ولا توجد وصفة جاهزة لحلها. ويؤكد على أهمية التفاهم على أرضية الوحدة الوطنية واستعادة الهوية الوطنية والاتفاق على تعريف سوريا والانتماء الوطني، والتأكيد على أن سوريا المستقبل هي دولة ديمقراطية لجميع أبنائها. ويشدد على أن الالتفاف على هذا المسار سيؤدي إلى استبدال طغيان آل الأسد بطغيان آخر، وهو أمر يرفضه جميع أطياف المواطنين.

مشاركة المقال: