ردت سوريا خطياً على قائمة من الشروط التي وضعتها الولايات المتحدة مقابل إمكانية تخفيف بعض العقوبات، مؤكدة أنها نفذت معظمها، بينما يتطلب تحقيق البعض الآخر "تفاهمات متبادلة" مع واشنطن.
وكانت الولايات المتحدة قد سلمت سوريا الشهر الماضي قائمة تضم ثمانية مطالب من حكومة الرئيس السوري المؤقت "أحمد الشرع"، من بينها تدمير أي مخزونات متبقية من الأسلحة الكيميائية، وضمان عدم منح الأجانب مناصب عليا في الحكومة.
وذكرت حينها وكالة رويترز، نقلاً عن مصادر لم تذكر اسمها، أن واشنطن مستعدة لتمديد فترة تعليق العقوبات لمدة عامين وربما إصدار إعفاءات إضافية، بحال قبلت دمشق تلبية تلك المطالب.
دمشق ترد على المطالب
وفي الوثيقة المكونة من أربع صفحات، من الرد على مطالب واشنطن من قبل سوريا، تعهد الجانب السوري بإنشاء مكتب ارتباط بوزارة الخارجية للبحث عن الصحفي الأمريكي المفقود أوستن تايس، ووضّح خطوات للتعامل مع مخزونات الأسلحة الكيميائية، بما في ذلك تعزيز التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
لكن الرسالة تطرقت بشكل أقل تفصيلاً إلى مطالب أخرى رئيسية، مثل إزالة المقاتلين الأجانب من المناصب العليا ومنح الولايات المتحدة إذناً بشن ضربات لمكافحة الإرهاب.
وأكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية أن تسلمت رداً من السلطات السورية بشأن اتخاذ "إجراءات لبناء الثقة محددة ومفصلة"، وأضاف: «نحن الآن بصدد تقييم الرد ولا يوجد لدينا ما نعلنه حالياً»، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة «لا تعترف بأي كيان باعتباره حكومة سوريا، وأن أي تطبيع مستقبلي للعلاقات سيُحدد بناءً على أفعال السلطات المؤقتة».
ملف المقاتلين الأجانب
أشارت الرسالة إلى أن المسؤولين السوريين ناقشوا مسألة مع المبعوث الأمريكي السابق دانييل روبنشتاين، لكنها أوضحت أن هذه القضية “تتطلب جلسة تشاورية أوسع”.
وجاء في الرسالة: «ما يمكن تأكيده في الوقت الراهن هو تعليق منح الرتب العسكرية»، في إشارة واضحة إلى التعيينات التي جرت في كانون الأول الماضي وشملت مقاتلين أجانب مثل الإيغور وأردنيين وأتراك في مواقع ضمن القوات المسلحة السورية.
ومع ذلك، لم تذكر الرسالة ما إذا كان قد تم سحب هذه الرتب من المعينين أو ما إذا كانت هناك خطوات مستقبلية لمعالجة هذه القضية.
وأشار مصدر مطلع على الموقف السوري إلى أن دمشق ستحاول تأجيل معالجة هذه المسألة قدر الإمكان، نظراً لاعتبارها أن المقاتلين غير السوريين الذين ساعدوا النظام يجب التعامل معهم بشكل إيجابي.
أما بخصوص الطلب الأمريكي بشأن تنسيق ضربات مكافحة الإرهاب، فقد ذكرت الرسالة أن “هذا الموضوع يتطلب تفاهمات متبادلة”.
كما تعهدت الرسالة بأن الحكومة السورية الجديدة لن تسمح بأي تهديد للمصالح الأمريكية أو الغربية في سوريا، وأكدت أنها ستتخذ “الإجراءات القانونية المناسبة”، دون تقديم تفاصيل إضافية.
وكان “الشرع” قد صرح في مقابلة سابقة هذا العام أن القوات الأمريكية المنتشرة في سوريا موجودة “دون موافقة حكومية”، مشيراً إلى أن أي وجود عسكري أجنبي يجب أن يتم بالاتفاق مع الدولة السورية.
وقال مسؤول سوري مطلع على الرسالة إن دمشق تبحث عن بدائل لإضعاف الجماعات المتطرفة دون منح إذن صريح للولايات المتحدة بشن غارات، نظراً لحساسية هذا الموضوع بعد سنوات من القصف الأجنبي على الأراضي السورية.
تعهد بعدم تهديد إسرائيل
أفاد دبلوماسي كبير وشخص آخر مطلع على مضمون الرسالة لرويترز أن سوريا استجابت بالكامل لخمسة مطالب أمريكية، بينما لا تزال ثلاثة مطالب قيد النقاش.
وقال المصدران إن الرسالة أُرسلت بتاريخ 14 نيسان، قبل عشرة أيام فقط من وصول وزير الخارجية السوري “أسعد الشيباني” إلى نيويورك لإلقاء كلمته أمام مجلس الأمن، دون أن يتضح ما إذا كانت الولايات المتحدة قد ردت على الرسالة السورية.
وذكر مسؤول سوري ومصدر أمريكي أن “الشيباني” كان يخطط لمناقشة محتوى الرسالة مع المسؤولين الأمريكيين خلال زيارته إلى نيويورك.
وأضافت الرسالة أن سوريا تأمل أن تؤدي “الضمانات” المقدمة إلى اجتماع لبحث كل نقطة بالتفصيل، بما يشمل إعادة فتح السفارات ورفع العقوبات.
وفيما يتعلق بالنشاطات المسلحة للفصائل الفلسطينية في سوريا، أوضحت الرسالة أن “الشرع” شكّل لجنة لمراقبة أنشطة الفصائل الفلسطينية المسلحة، وأنه لن يُسمح لأي فصيل خارج إطار الدولة بالعمل، ويأتي ذلك قبل أيام قليلة من اعتقال السلطات السورية مسؤولين من حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية.
وأكدت الرسالة: «بينما يمكن استمرار المناقشات حول هذا الموضوع، فإن الموقف العام هو أننا لن نسمح بأن تتحول سوريا إلى مصدر تهديد لأي طرف، بما في ذلك إسرائيل».
كما أقرت الرسالة بوجود “اتصالات جارية” بين أجهزة مكافحة الإرهاب السورية وممثلين أمريكيين في العاصمة الأردنية عمّان لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية، مشيرة إلى استعداد سوريا لتعزيز هذا التعاون وهو أمر يتم الكشف عنه للمرة الأولى.