تتطلع سوريا إلى تحويل موانئها إلى ممر ملاحي حيوي في شرق البحر الأبيض المتوسط، وذلك من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز التعاون مع دول الجوار، وعلى رأسها تركيا. وفي هذا السياق، قام وفد سوري من "الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية" بزيارة رسمية إلى تركيا في نهاية تموز الماضي، بهدف تعزيز التعاون في مجالي النقل البحري والموانئ.
وخلال الزيارة، اتفق الطرفان على توقيع مذكرة تفاهم مبدئية تركز على تأهيل الكوادر وتطوير التشريعات البحرية، بالإضافة إلى إعادة تفعيل دور سوريا في المنظمات والمحافل البحرية الدولية. وناقش الوفد، برئاسة نائب رئيس "الهيئة" أحمد مصطفى، فرص التعاون المؤسسي بين وزارة النقل السورية ونظيرتها التركية في مجالات النقل البحري وإدارة الموانئ.
كما بحث الجانبان آليات تطوير البنية التحتية للموانئ السورية، والاستفادة من الخبرة التركية في التشغيل والإدارة، واستعراض الأنظمة الرقمية الحديثة المستخدمة في تشغيل المرافئ، وعلى رأسها "نظام مجتمع الميناء" ونظام مرور السفن، وتقييم إمكانية نقل هذه التقنيات إلى الموانئ السورية. وشملت المباحثات تبادل الخبرات وتأهيل الكوادر الفنية والإدارية العاملة في قطاع النقل البحري، من خلال برامج تدريب وتعاون جامعي.
واطلع الوفد السوري على مشاريع التطوير والتوسعة الجارية في مرفأ مرسين، وناقش آليات تمويل وتنفيذ مشاريع مماثلة في سوريا.
أكد مدير العلاقات العامة في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، مازن علوش، أن الربط بين المرافئ السورية، وفي مقدمتها مرفأ طرطوس المستثمر بالشراكة مع "موانئ دبي العالمية"، والمرافئ الإقليمية مثل "ميناء مرسين الدولي"، يمثل هدفًا استراتيجيًا للهيئة لتعزيز دور سوريا كممر بحري فاعل في شرق المتوسط.
وأضاف أن الوفد ناقش خلال زيارته إلى تركيا فرص التكامل اللوجستي بين المرافئ السورية والتركية، وسبل الاستفادة من تجربة ميناء مرسين في إدارة وتوسعة البنى التحتية. وأشار إلى أن مذكرة التفاهم المزمع إعدادها ستحدد أسس التعاون الفني والتجاري، وتشجع على تبادل البيانات والخبرات بين الجانبين، بهدف تعزيز سلاسل الإمداد الإقليمية ودعم المشاريع القائمة في مرفأ طرطوس بالشراكة مع "موانئ دبي العالمية".
وأوضح علوش أن تطوير البيئة التشريعية البحرية يعد أحد المحاور الأساسية في برنامج الإصلاح الذي تعمل عليه الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية. وشملت الاجتماعات الاطلاع على التشريعات الناظمة لإدارة الموانئ وتنظيم عمل الشركات المشغلة وأحكام السلامة البحرية. وأكد أنه سيتم مراجعة وتحديث عدد من القوانين والأنظمة السورية، ولا سيما قانون الموانئ البحرية وأنظمة ترخيص الشركات المشغلة وتعليمات السلامة والإغاثة البحرية، وأطر العمل المرتبطة بـ"نظام مجتمع الميناء"، بما يتوافق مع المعايير الدولية ويسهل الانخراط في الشبكات الرقمية والتجارية العالمية ويعزز القدرة التنافسية للمرافئ السورية.
أشار علوش إلى أن إعادة الحضور السوري في المنظمات البحرية الإقليمية والدولية يمثل أولوية وطنية في المرحلة المقبلة. وذكر أن الوفد ناقش خلال اجتماعاته مع نظرائه الأتراك سبل الدعم الممكنة من الجهات الشقيقة والصديقة بهذا الخصوص. وأكد أن الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية ستعمل على تحسين مستوى التمثيل الفني والقانوني في اجتماعات المنظمة البحرية الدولية (IMO) والمنظمات الإقليمية المتخصصة، وتأهيل الكوادر وتدريبها وفق المعايير المعتمدة في الأنظمة البحرية العالمية، وتفعيل الحضور السوري ضمن قواعد بيانات الاتفاقيات الدولية المعنية بالنقل والسلامة والموانئ، والاستفادة من التجربة التركية في مجال الانضمام والتفاعل مع هذه الهيئات، بما في ذلك إجراءات تسجيل السفن وشهادات الملاحة. وأعرب عن أمله في أن تسهم هذه الجهود في استعادة الدور السوري الفاعل في صياغة السياسات البحرية الدولية وتمكين المرافئ السورية من الاستفادة من فرص التمويل والتعاون عبر الأطر الأممية ذات الصلة.
في 14 من تموز الماضي، وقعت "الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية" اتفاقية مع شركة "موانئ دبي العالمية" لاستثمار ميناء طرطوس بهدف تعزيز البنية التحتية واللوجستية للموانئ في سوريا. وقال المدير العام للموانئ، عدنان حاج عمر، إن نوع الاتفاق هو عقد امتياز يمنح الشركة حق إدارة وتشغيل ميناء طرطوس لمدة 30 عامًا، وتلتزم الشركة بتقديم نظام تشغيلي خلال ستة أشهر من الاستلام، يخضع لموافقة "الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية"، بقيمة استثمارات تصل إلى 800 مليون دولار أمريكي. كما وقعت "الهيئة العامة للمنافذ" اتفاقية مع شركة "CMA CGM" الفرنسية، في 1 من أيار، لإدارة محطة حوايات مرفأ اللاذقية. وأوضح مدير المرفأ، أحمد علي مصطفى، أن مدة العقد حددت بـ30 سنة، ستستثمر خلالها الشركة 230 مليون يورو.