الأحد, 15 يونيو 2025 07:12 PM

سوريا: جهود مكثفة لتطوير أصناف قمح جديدة مقاومة للمناخ وتحسين الإنتاج الزراعي

سوريا: جهود مكثفة لتطوير أصناف قمح جديدة مقاومة للمناخ وتحسين الإنتاج الزراعي

دمشق-سانا: تولي الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية اهتماماً كبيراً بزيادة الإنتاج الزراعي وتحسين نوعيته، وذلك من خلال استنباط أصناف جديدة من المحاصيل، وعلى رأسها القمح، تكون قادرة على مقاومة التغيرات المناخية والآفات.

وأوضح مدير عام الهيئة الدكتور أسامة العبد الله في تصريح لـ سانا أن الهيئة، منذ تأسيسها في سبعينيات القرن الماضي، تجري تجارب حقلية وبحوثاً تطبيقية بهدف مواكبة متطلبات الأمن الغذائي وتطوير إنتاج القمح، وذلك من خلال إدخال أصناف عالية الإنتاجية من القمح الطري للزراعة المروية والبعلية، مثل "مكسيباك" و"سيتي سيروس".

وأشار العبد الله إلى التعاون القائم بين الهيئة والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة "إيكاردا" والمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد" لاستنباط أصناف جديدة باستخدام تقنيات حديثة، مؤكداً على تميز سوريا تاريخياً في إنتاج القمح نظراً لبيئتها الطبيعية ومناخها الملائم لزراعته.

أكثر من 6 آلاف سلالة قمح تدرس سنوياً و24 صنفاً مستنبطاً

تدرس هيئة البحوث الزراعية سنوياً أكثر من 6000 سلالة قمح، معتمدةً على مؤشرات الإنتاجية ومقاومة الأمراض والجودة التكنولوجية، كما تنفذ ما يقارب 500 تجربة حقلية سنوياً في البيئات المروية والبعلية ضمن مناطق الاستقرار الزراعي الأولى والثانية، وفقاً للعبد الله.

وقد استنبطت الهيئة حتى الآن 24 صنفاً من القمح بنوعيه الطري والقاسي، ووزعتها وفق الخصائص المناخية لكل منطقة. وبلغت إنتاجية أحدث هذه الأصناف 8 أطنان في الهكتار الواحد في المناطق المروية، و3.4 أطنان/هكتار في مناطق الاستقرار الأولى، و2.1 طن/هكتار في منطقة الاستقرار الثانية، مسجلةً زيادة في الإنتاجية بنسبة 47 بالمئة مقارنة بالأصناف القديمة. وقد حظيت هذه الأصناف بتبنٍ سريع من قبل المزارعين، بفضل التعاون مع المؤسسة العامة لإكثار البذار التي عملت على إنتاجها وتوفيرها بعد غربلتها وتعقيمها وفق المعايير الفنية.

وتضم الأصناف الحالية في المناطق المروية من القمح الطري (بحوث 6، بحوث 4، بحوث 8، شام 10، شام 4)، والقاسي (شام 7، بحوث 9)، وبإنتاجية تتراوح بين 6 و8 أطنان/هكتار. أما في منطقة الاستقرار الأولى (بمعدل هطولات 350 مم)، فتتضمن أصناف القمح الطري (شام 4، شام 6، بحوث 6، دوما 6)، والقاسي (بحوث 7، بحوث 11، شام 9، أكساد 65)، بإنتاجية تتراوح ما بين 4.5 و 5 أطنان/هكتار. في حين تشمل في منطقة الاستقرار الثانية (بمعدل هطولات 200–250 مم)، أصناف القمح الطري (دوما 2، دوما 4)، والقاسي (دوما 1، دوما 3، شام 3، حوراني)، بإنتاجية تتراوح ما بين 2 و2.5 طن/هكتار.

الأصناف الجديدة المعتمدة في السنوات الأخيرة

أوضح مدير عام الهيئة أنه جرى اعتماد القمح الطري من صنف (شام 12) عام 2024 للزراعة البعلية في منطقة الاستقرار الثانية، بمتوسط إنتاجية 2337 كغ/هكتار، ويتميز بمقاومته للرقاد والجفاف، وكذلك القمح القاسي من صنف (شام 11) عام 2023 للزراعة المروية، بمتوسط إنتاجية 6306 كغ/هكتار، مع ثباتية عالية ومقاومة متوسطة للصدأ الأصفر، وسبقه بعام 2022، اعتماد القمح القاسي من صنف (دوما 5) للزراعة البعلية في منطقة الاستقرار الثانية، بإنتاجية 2231 كغ/هكتار ومقاومته للجفاف.

وأضاف العبد الله: إن الهيئة استنبطت أيضاً سلالتين مبشرتين من القمح القاسي مخصصتين للزراعة المروية، وتتميزان بإنتاجية عالية ومقاومة جيدة للأمراض، وهما الآن في مراحل الاعتماد النهائي.

أثر الجفاف على المحاصيل الحقلية الموسم الحالي

وشهد الموسم الحالي موجة جفاف شديدة، أحدثت تأثيرات قاسية في المحاصيل الزراعية، وخاصة البعلية منها، فلم يتمكن النبات، وفقاً لمدير عام الهيئة، من استكمال دورة حياته في مناطق الاستقرار الأولى والثانية، ما أدى إلى غياب كامل للإنتاج وتحويل الأراضي للرعي، أما في المناطق المروية، فكان الإنتاج محدوداً، وتراوح بين 200 و400 كغ للدونم، تبعاً لعدد الريات ومدى التزام الفلاحين بالحزمة التقنية.

ولمواجهة هذه الظروف، أجرت الهيئة تجارب شاملة لزراعة جميع الأصناف المعتمدة في البيئات الثلاث، بهدف تقييم أدائها تحت ظروف التغيرات المناخية، كما اعتمدت أسلوب التربية السريعة لتسريع التحسين الوراثي، واستنباط أصناف أكثر تحمّلاً للجفاف والملوحة والحرارة والأمراض، إضافة إلى تحسين جودة الحبوب.

وشدد العبد الله على أن ضمان إنتاج قمح عالي الجودة يتطلب تأمين مستلزمات الإنتاج بأسعار مناسبة وفي الوقت المناسب، واستلام المحصول من المزارعين بأسعار مشجعة، واستخدام الأصناف المعتمدة لكل بيئة زراعية، والالتزام بالدورة الزراعية والحزمة التقنية الكاملة،  وتنفيذ مسوحات ميدانية لتشخيص مشاكل المزارعين بدقة، وتقديم حلول تقنية عبر الإرشاد الزراعي والندوات والأيام الحقلية، ودعم مشاريع الري الحديث، وتوفير القروض اللازمة.

مشاركة المقال: