أعلن نائب رئيس مجلس الوزراء اللبناني، طارق متري، عن انعقاد اجتماع ثانٍ مع الجانب السوري لمناقشة ملف المفقودين والمغيبين قسرًا، مع التأكيد على ضرورة الإسراع في محاكمة الموقوفين السوريين واللبنانيين.
في مقابلة تلفزيونية مع "تلفزيون لبنان" في 21 تشرين الأول، نقلتها الوكالة الوطنية للإعلام، أوضح متري أن العلاقات بين البلدين خلال العقود الخمسة الماضية اتسمت بعدم التكافؤ، وهو ما يشكو منه معظم اللبنانيين. وأضاف: "اليوم هناك فرصة جديدة لبناء علاقة تقوم على التكافؤ والاحترام، ويجب أن تستند إلى المصلحة المشتركة والثقة وصداقة الجوار والروابط العائلية بين الشعبين".
أشار متري إلى وجود عدد كبير من السجناء السوريين الذين لم تتم محاكمتهم حتى الآن، على غرار بعض اللبنانيين الذين تم توقيفهم منذ أكثر من 10 سنوات بتهم تتعلق بالإرهاب دون محاكمة. ولفت إلى أن "بعض الموقوفين السوريين تم توقيفهم بناءً على تهم سياسية أو لمعارضتهم النظام السابق أو لانتمائهم لجبهة النصرة أو الجيش السوري الحر".
وشدد على أن الوقت قد حان لإيجاد حل مناسب لهؤلاء، خاصة بعد سقوط صفة الإرهاب عن المجموعات التي كانوا ينتمون إليها. وأكد أن الحكومة اللبنانية تعمل جاهدة لحل هذا الملف بناءً على إلحاح الجانب السوري، وذلك من خلال اتفاقية تعاون قضائي تسمح بتسليم بعض المحكومين ضمن شروط، خاصة الموقوفين السياسيين، مع استثناء البعض الآخر.
وأكد متري أن هذا الملف يمثل أولوية لرئيس الحكومة اللبنانية، بهدف تسريع محاكمات الموقوفين السوريين واللبنانيين، رافضًا ما وصفه بسياسة المقايضة بين لبنان وسوريا، مؤكدًا أن كل قضية مهمة بذاتها. وشدد على أن قضية السجناء السوريين مهمة ويجب معالجتها، وكذلك قضية اللبنانيين المختفين قسرًا في سوريا، معتبرًا أنها ليست ملحقة بالقضية الأولى.
فيما يتعلق بملف النازحين السوريين (يطلق لبنان على اللاجئين على أراضيه اسم النازحين)، أوضح متري أن لبنان لا يسعى إلى توطينهم في أراضيه، بل إلى إعادتهم إلى بلادهم، والإبقاء على من يحتاجه سوق العمل اللبناني منهم، وفقًا لدراسة تجريها وزارة العمل.
عرقلة لاعتبارات حزبية
ذكرت أربعة مصادر لبنانية، حقوقيان ومصدر قضائي وآخر حزبي، لـ "عنب بلدي" أن وزير العدل اللبناني، عادل نصار، يعرقل هذا الملف لاعتبارات حزبية تتعلق بالحصول على دعم "حزب الله" في الانتخابات النيابية المتوقع إجراؤها في أيار 2026.
وقدرت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" عدد المحتجزين السوريين في سجن رومية بحوالي 2000 شخص، من بينهم نحو 190 معتقلًا على خلفية مشاركتهم في الثورة السورية. يقع سجن رومية شمال شرقي بيروت، ويُعد الأكبر في لبنان، ويضم أكثر من 4000 نزيل رغم أن طاقته الاستيعابية لا تتجاوز 1200، ما يسبب اكتظاظًا وسوء خدمات.
وعلى الجانب الآخر، لا توجد تقديرات رسمية لعدد اللبنانيين المفقودين في سوريا، لكن جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية تقدر العدد بـ 622 مفقودًا. بينما قدم وزير العدل اللبناني السابق، هنري خوري، في كانون الأول 2024 قائمة تضم أكثر من 6500 اسم لمفقودين لبنانيين في سوريا.
اتفاق لإفراج عن موقوفين سوريين
كان مدير إدارة الشؤون العربية في وزارة الخارجية والمغتربين، محمد طه الأحمد، قد أعلن عن التوصل إلى اتفاق مع الحكومة اللبنانية يقضي بتسليم عدد من السجناء السوريين، باستثناء المتورطين بجرائم أودت بحياة مدنيين، وذلك خلال زيارة رسمية أجراها وفد سوري رفيع المستوى إلى العاصمة اللبنانية بيروت، وهي الأولى من نوعها منذ سنوات.
وقال الأحمد، في تصريح لقناة "الإخبارية السورية" الحكومية، إن الجانب اللبناني أبدى تجاوبًا كبيرًا مع المطالب السورية المتعلقة بالموقوفين، معربًا عن أمله في أن تسهم الخطوة في "طي صفحة الماضي"، مشيرًا إلى أن كثيرًا من السوريين في السجون اللبنانية "تُهمهم ملفقة أو بنيت على اشتباه".
وأكد الأحمد أن الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، يولي ملف الموقوفين السوريين في لبنان اهتمامًا خاصًا، مضيفًا أن الملف طُرح خلال ثلاثة اجتماعات رسمية متتالية، وبدأت الاتصالات المباشرة مع الجانب اللبناني لوضع آلية تنفيذ الاتفاق خلال الفترة المقبلة.