الأحد, 12 أكتوبر 2025 10:53 PM

صعوبات التعليم: كيف تواجه الأمهات السوريات تحديات المناهج الجديدة ومساعدة أطفالهن؟

صعوبات التعليم: كيف تواجه الأمهات السوريات تحديات المناهج الجديدة ومساعدة أطفالهن؟

عنب بلدي – كريستينا الشماس

مع بداية العام الدراسي الجديد، يواجه العديد من الأطفال السوريين في المرحلة الابتدائية صعوبات في التعلم، مما يدفع العديد من الأسر، حتى ذات الدخل المحدود، إلى البحث عن دروس خصوصية وأساتذة للمتابعة اليومية. لكن المشكلة تتجاوز ضعف الكوادر التعليمية في المدارس الحكومية أو ارتفاع تكاليف الدروس الخصوصية، لتصل إلى حاجة الطفل الذي يتراوح عمره بين ستة و 12 عامًا لتلقي المعلومة من والدته، باعتبارها الأقرب إليه نفسيًا.

هنا تبرز معاناة الأمهات اللواتي يجدن أنفسهن أمام مناهج مختلفة عن تلك التي درسنها، ومواد دراسية تتضمن مصطلحات وأساليب جديدة، بالإضافة إلى صعوبات في تعليم أبنائهن اللغة الإنجليزية، مما يجعل عملية المراجعة مع أطفالهن أكثر تعقيدًا.

تشير مدونة "مكانة"، المتخصصة في تقديم النصائح التربوية للأهالي، في تقرير بعنوان "دور الأم في تنمية المهارات العقلية للأطفال"، إلى أن الأم هي المعلم الأول للطفل والأساس الذي يبنى عليه مستقبله. وتلعب الأم دورًا حاسمًا في تنمية المهارات العقلية للأطفال من خلال توفير بيئة محفزة للتعلم والاكتشاف، وتقديم الدعم والتشجيع المستمر. كما يمكن للأم أن تساهم بشكل كبير في تطوير المهارات الإبداعية والعقلية لطفلها.

تحدثت عنب بلدي مع أمهات سوريات حول الصعوبات التي يواجهنها عند محاولة شرح المناهج لأولادهن، وكيف تحولت متابعة الطفل في المنزل من دعم محبب إلى مهمة ثقيلة لا تقل تعقيدًا عن أعباء الحياة اليومية.

"الخصوصي" لا يكفي

على الرغم من لجوء العديد من الأسر إلى الدروس الخصوصية لأطفالها في المرحلة الابتدائية مع عودة العام الدراسي الذي بدأ في 21 من أيلول الماضي، إلا أن هذه الخطوة لا تحل المشكلة بشكل كامل. فبحسب تجربة بعض الأمهات اللواتي تحدثت إليهن عنب بلدي، يعود الأطفال في النهاية ليطلبوا منهن إعادة الشرح، مما يحول مهمة المتابعة المنزلية إلى عبء إضافي على الأمهات.

قالت لميا العسلي، ربة منزل في دمشق، إن ابنها في الصف الثالث، وقد استعانت بمعلم لمتابعته منذ السنة الماضية، لكنه كان يخرج من الدرس الخاص ليسألها من جديد عن تفاصيل لم يستوعبها. وأضافت لميا أن ساعات المعلم الخاص "تُهدر" أحيانًا، لأن طفلها كان لا يستجيب للمعلومة إلا بعد أن تعيد له صياغتها بطريقة مبسطة. لم تستعن لميا بمعلم متابع لطفلها مع بداية العام الدراسي الحالي، بعد تجربتها السابقة التي وصفتها بـ"غير المجدية"، مشيرة إلى أنها تضطر الآن، رغم الصعوبات التي تواجهها في بعض المواد، لاستخدام أدوات من الحياة اليومية لتوضيح المسائل الحسابية أو بعض القواعد، حتى يُقبل الطفل على الدراسة.

من جهتها، رفضت ابنة سارة معمر، وهي في الصف الرابع، الجلوس مع معلمة المتابعة التي بدأت بتدريسها مؤخرًا ما لم تكن والدتها حاضرة بجانبها. وعندما تحدثت سارة مع ابنتها عن سبب عدم تقبلها لمعلمتها، أجابتها أن "وجودها بقربها يعطيها الأمان". وتضطر سارة بعد انتهاء الدرس ومغادرة معلمة المتابعة لإعادة جولة مراجعة سريعة مع طفلتها، تركز فيها على ترديد المعلومات وتبسيطها بالكلمات التي تعرفها الطفلة.

أما فاطمة محمد، فذكرت أن ابنها في الصف الخامس يواجه صعوبة خاصة مع مادة اللغة الإنجليزية، ورغم عدم إلمامها الكافي بالمفردات، تحاول مساعدته عبر البحث على الإنترنت أو سماع مقاطع صوتية معه. وترى فاطمة أن الدروس الخصوصية وحدها لا تكفي، وأن الطفل في عمر صغير يحتاج إلى أن يلمس اهتمام والدته المباشر حتى يستوعب الدرس بشكل أفضل.

مناهج مختلفة.. عقبة أمام الأمهات

تجد بعض الأمهات أنفسهن في مواجهة مع مناهج جديدة تختلف عما تعلمنه في أيام دراستهن، فبات وقت المراجعة ومتابعة الطفل لدروسه في المنزل بمثابة تحدٍّ يومي يفرض على الأمهات البحث عن حلول بديلة لمجاراة أسئلة أطفالهن.

أشارت فاطمة محمد إلى أن ابنها لا يستطيع فهم القواعد الأساسية في مادة الرياضيات بالطريقة التي يشرحها معلم الصف في المدرسة. تتعامل فاطمة مع مشكلة تغير منهاج الرياضيات بالنسبة لها بالبحث عبر مقاطع فيديو تعليمية على الإنترنت لتتعلم هي أولًا، قبل أن تشرح الدرس لطفلها. "هذه الطريقة تأخذ وقتًا طويلًا، لكنني أجدها الحل الوحيد حتى لا يشعر ابني بالإحباط"، قالت فاطمة.

وتتحدث رنا العيسى أن مادة اللغة الإنجليزية التي تدرّسها لابنتها في الصف السادس، تحولت إلى عبء يومي، إذ تواجه صعوبة في نطق الكلمات وشرح معانيها، خاصة أنها لم تتلقَّ تعليمًا كافيًا في هذه اللغة عندما كانت طالبة. بدأت رنا بالاعتماد على تطبيقات تعليمية على هاتفها المحمول لمراجعة الكلمات مع ابنتها، مضيفة أن هذه الطريقة ساعدت قليلًا في تجاوز بعض الفجوات، لكنها لا تزال تشعر أن هناك فارقًا كبيرًا بين المنهاج الذي تلقته في المدرسة، ومنهاج أطفالها الآن.

دور الأم لا يعوّض

تحدث المختص التربوي فادي العبد الله، لعنب بلدي، أن حاجة الطفل في المرحلة الابتدائية لتلقي المعلومة من والدته ليست مجرد تفضيل عاطفي، بل جزء أساسي من العملية التعليمية في هذه المرحلة العمرية. وأشار العبد الله إلى أن الاعتماد على الأم يمنح الطفل شعورًا بالثقة والأمان، وهو ما لا يستطيع المدرس الخصوصي أو حتى معلم المدرسة تقديمه بالدرجة نفسها. وأوضح أن السنوات الأولى من التعليم تمثل المرحلة الأكثر حساسية في تكوين الطفل المعرفي، وأن العلاقة مع الأم تلعب دورًا مركزيًا في تثبيت المعلومة، مضيفًا أن الدراسات التربوية تؤكد أن الأطفال الذين يشاركون أمهاتهم في عملية التعلم يميلون إلى إظهار نتائج أفضل في التحصيل، مقارنة بأقرانهم الذين يعتمدون على مصادر خارجية فقط.

وحول الصعوبات التي تواجه الأمهات مع المناهج الجديدة، لفت العبد الله إلى أن هذه الصعوبات لا تلغي أهمية حضورهن، بل تدفع إلى البحث عن وسائل بديلة لتقريب الفكرة إلى الطفل.

الأم حين تجتهد لتبسيط الدرس، أو تبحث عن مقطع فيديو لتوضيحه، هي لا تنقل المعلومة فقط، بل تعزز أيضًا ارتباط الطفل بالتعلم وتشجعه على الاستمرار.

فادي العبد الله

مختص تربوي

وأضاف العبد الله أن الاعتماد المفرط على الدروس الخصوصية من دون إشراك الأم قد يجعل الطفل أكثر ارتباكًا، لأنه لا يجد الرابط العاطفي الذي يساعده على الاستيعاب، لذلك يوصي بتمكين الأمهات عبر ورشات تدريبية أو مواد مساعدة مبسطة، بدل تركهن وحيدات أمام مناهج تتغير بوتيرة سريعة ولا تراعي الفجوة بين جيل وآخر.

مشاركة المقال: