الأربعاء, 9 يوليو 2025 09:05 AM

ضحايا جدد لشبكات التهريب: سوريون من الساحل يقعون في فخ الحسكة بدلاً من حلم كردستان

ضحايا جدد لشبكات التهريب: سوريون من الساحل يقعون في فخ الحسكة بدلاً من حلم كردستان

كشفت شهادات ميدانية عن تعرض العشرات من السوريين، وخاصةً من أبناء مدن الساحل، لعمليات احتيال ممنهجة على يد شبكات تهريب البشر. هذه الشبكات توهم الضحايا بتأمين وصولهم إلى إقليم كردستان العراق مقابل مبالغ مالية كبيرة، ليكتشفوا لاحقاً أن وجهتهم النهائية هي محافظة الحسكة في شمال شرقي سورية.

تستغل هذه العصابات رغبة الشباب في الهجرة وتحسين ظروفهم المعيشية، مقدمةً لهم وعوداً بفرص عمل مضمونة في كردستان، وتنظم لهم رحلات تهريب غير شرعية عبر الحدود، تبدأ من مناطق الساحل وتنتهي في الحسكة. ولكن بمجرد وصول الضحايا إلى مناطق نائية قريبة من الحدود، يتضح زيف الوعود بعد دفع آلاف الدولارات.

روت سيدة مقيمة في الحسكة منذ 20 عاماً لموقع “تلفزيون سوريا” قصة اثنين من أقاربها، دفع كل منهما 6 آلاف دولار مقابل وعد بتهريبهم من ريف اللاذقية إلى كردستان العراق. لكن المفاجأة كانت وصولهم إلى ريف المالكية، حيث أُخبروا بأنهم وصلوا إلى وجهتهم، بينما كانوا لا يزالون داخل الأراضي السورية.

أُجبر الشابان على السير لمسافات طويلة ليلاً برفقة أحد المهربين، الذي استلم منهم الدفعة الأخيرة من المال ثم اختفى، مدعياً أن ما تبقى أمامهم مجرد طريق قصير للوصول إلى “الإقليم”. غير أن الحقيقة كانت أنهم خُدعوا وتُركوا قرب قرية حدودية داخل سورية.

تقول السيدة إن الشبكة تضم مهربين ينشطون بين الساحل والحسكة، وتستهدف أبناء الساحل السوري تحديداً، عبر عروض مغرية تتضمن “تأمين طريق مضمون” إلى كردستان مقابل 3 إلى 5 آلاف دولار للشخص الواحد.

من جانبه، أكد “أبو حسين الشمري”، أحد سكان ريف المالكية، أن عمليات الاحتيال هذه تكررت خلال الشهرين الماضيين، حيث تم استدراج العديد من الشبان والعائلات من مناطق الساحل بنفس الطريقة. وأضاف أن عبور الحدود إلى إقليم كردستان لم يعد كما في السابق، إذ زادت الإجراءات الأمنية خلال السنوات الأخيرة، ما جعل محاولات التهريب أكثر خطورة وتعقيداً.

وأوضح أن حرس الحدود الكردي يعيد فوراً أي سوري يُضبط أثناء محاولة التسلل إلى داخل الأراضي السورية عبر معبر سيمالكا، في حين يُحال من يُلقى القبض عليه داخل الأراضي العراقية إلى التحقيق والمحاكمة.

وفقاً للشمري، فإن هذه الشبكات تعمل بتنسيق داخلي بين مهربين في المحافظات السورية ومهربي الشمال الشرقي، وتروج لروايات كاذبة عن “تنسيق مع حرس الحدود من الجانبين”، بينما الواقع أنهم غالباً يختفون بعد استلام الدفعة الأولى، أو يتركون الضحايا في مناطق معزولة قرب الحدود دون دعم أو توجيه.

في المقابل، كشف مصدر أمني أن قوى الأمن الداخلي التابعة لـ”قوات سورية الديمقراطية” (قسد) تمكنت مؤخراً من اعتقال عدد من المهربين بعد تلقي شكاوى من مواطنين سوريين، معظمهم من الساحل، أفادوا بتعرضهم للاحتيال أثناء محاولتهم الوصول إلى كردستان.

أوضح المصدر أن الشبكات تتكون عادة من ثلاثة إلى ستة أشخاص، بينهم من ينشط في الساحل لاستقطاب الضحايا، وآخرون يتولون عمليات النقل والتسليم داخل الحسكة. هؤلاء يوهمون الضحايا بوجود طرق تهريب آمنة ليلاً، ثم يتخلون عنهم في مناطق نائية.

وأكد أن أغلب الضحايا هم من أبناء الساحل، بالإضافة إلى أشخاص من دمشق ومحافظات أخرى، جميعهم وقعوا ضحية لأساليب خداع وابتزاز منظمة.

في هذا السياق، كثّفت قوى حرس الحدود التابعة لقسد من دورياتها الأمنية على طول الشريط الحدودي، بهدف التصدي لمحاولات التهريب وملاحقة المتورطين في تلك العمليات.

بحسب مصدر حقوقي، فإن محاكم تابعة للإدارة الذاتية في الحسكة تنظر في عدة قضايا تتعلق بعمليات احتيال مرتبطة بمحاولات تهريب مواطنين سوريين إلى كردستان العراق.

وفي خطوة لافتة، أصدرت وزارة الداخلية في إقليم كردستان العراق، منتصف حزيران الماضي، قراراً يُعفي السوريين المخالفين لشروط الإقامة من دفع غرامات التأخير، ويفتح الباب لتجديد الإقامات أو العودة إلى سورية.

القرار الذي جاء بتوجيه من رئيس حكومة الإقليم، يراعي الأوضاع الإنسانية الصعبة للسوريين، وينص على منح مهلة 60 يوماً لكل من انتهت صلاحية إقامته أو لم يبدأ إجراءاتها، للحصول على إقامة لمدة عام مجاناً، دون أي غرامات.

كما دعت الوزارة السوريين الراغبين في العودة إلى وطنهم، ممن لا يملكون القدرة على دفع تكاليف السفر، إلى مراجعة مديريات الإقامة للاستفادة من الإعفاء والتسجيل ضمن قوائم الرحلات البرية عبر معبر فيشخابور، مع تكفل حكومة الإقليم بنفقات العودة.

مشاركة المقال: