الإثنين, 12 مايو 2025 08:16 PM

عفرين تواجه خطر العطش: انخفاض حاد في منسوب سد ميدانكي ينذر بكارثة

عفرين تواجه خطر العطش: انخفاض حاد في منسوب سد ميدانكي ينذر بكارثة

يشهد سد ميدانكي في ريف عفرين انخفاضًا حادًا في منسوب مياهه خلال الأشهر الأخيرة، في تطوّر يثير القلق حول الأمن المائي في المنطقة، وينذر بتداعيات خطيرة على مياه الشرب والقطاع الزراعي على حد سواء.

وفي تصريحات خاصة لموقع ، أوضح عبدالقادر حافظ، مدير مؤسسة المياه في عفرين، أن العوامل الطبيعية، وعلى رأسها قلة الأمطار في العامين الأخيرين، تُعد السبب الرئيسي لانخفاض منسوب المياه، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى وجود أسباب بشرية تتعلق بزيادة الاستهلاك وسوء استخدام الموارد.

وأشار حافظ إلى أن استهلاك المياه دون مراعاة للترشيد، وضعف ثقافة الاستخدام المسؤول لدى بعض المشتركين، فاقما من أزمة السد. وأكد وجود دراسات رسمية تُظهر أن المخزون الحالي في الحوض يُقدّر بـ85 مليون متر مكعب من أصل سعة كلية تبلغ 190 مليونًا، وهو ما يكفي – بحسب تقديراته – لتغطية احتياجات المنطقة لمدة عامين فقط في حال جرى ضبط الاستهلاك.

وفيما يخص تأثير انخفاض المنسوب، قال حافظ إن مياه الري لم تُفتح هذا العام نتيجة شحّ المخزون، ما ألحق أضرارًا كبيرة بالمزارعين، وخصوصًا أولئك الذين يعتمدون على محاصيل مروية، وفي محاولة للتأقلم مع الأزمة، يتم تشجيع المزارعين على التحول نحو الزراعة البعلية كمخرج مؤقت.

ولضمان استدامة مياه الشرب، أشار حافظ إلى اتخاذ قرار بعدم استخدام السد للري في الوقت الحالي، مع إعطاء الأولوية القصوى لتأمين مياه الشرب للسكان، وأضاف أن هناك تنسيقًا جاريًا مع السلطات العليا.

وحول السياسات الحالية في إدارة الموارد، قال حافظ إنها لم تُسجّل أي تأثير سلبي مباشر على أزمة السد، كما لم يُرصد حتى الآن أي تدخل بشري غير مشروع، مثل حفر آبار عشوائية أو تغيير في مجرى النهر المغذي للسد.

واختتم حافظ تصريحه محذرًا من السيناريو الأسوأ، مشيرًا إلى أن استمرار الجفاف وتراجع الهطولات المطرية قد يؤديان إلى توقف السد عن أداء وظائفه الأساسية، ما يستدعي تحركًا عاجلًا لوضع خطط مستدامة لإدارة المياه وتفادي الكارثة.

من جهته، حذّر المهندس ياسر، المختص في إدارة الموارد المائية، من أن استمرار تراجع منسوب المياه في سد ميدانكي قد يفضي إلى “خلل استراتيجي” في التوازن المائي لمنطقة عفرين، موضحًا أن السد لم يُصمَّم ليُدار على كميات منخفضة لفترات طويلة، وأن الضغط المستمر على المخزون دون ضخ كافٍ من مصادر التغذية الطبيعية يُضعف من كفاءة السد ووظائفه.

وأضاف ياسر في حديثه لموقع: “نحن بحاجة إلى خطة طارئة تدمج بين تقنيات الترشيد، وإصلاح شبكات الهدر، وزيادة الوعي المجتمعي، إلى جانب دراسة إمكانية تنويع مصادر المياه، لتقليل الاعتماد الحصري على السد، وتفادي الدخول في أزمة عطش فعلية مستقبلًا”.

وفي ظل هذه التحديات المتزايدة، تبدو الحاجة ملحّة لتكامل الجهود بين الجهات المحلية والدولية لوضع استراتيجية شاملة لإدارة الموارد المائية في منطقة عفرين، تقوم على الترشيد، والتوعية، والاستثمار في بنية تحتية أكثر كفاءة، فالأمن المائي لم يعد مجرد ملف خدمي، بل أضحى قضية مصيرية تمسّ استقرار المجتمعات وسبل عيشها.

مشاركة المقال: