تستأنف السفارة اليمنية التابعة لحكومة عدن المعترف بها دوليًا، عملها رسميًا في دمشق، الأحد 27 من نيسان. وأعلنت الخارجية اليمنية في بيان رسمي، استئناف عمل السفارة في سوريا، تنفيذًا لتوجيهات وزيري خارجية البلدين، واستنادًا إلى العلاقات التاريخية المتميزة.
وكلفت الوزارة المستشار محمد عزي بعكر قائمًا بالأعمال بالنيابة. واعتبرت أن "عودة السفارة لمزاولة مهامها بعد سيطرة المليشيات الحوثية الإرهابية عليها منذ 2016، بدعم من النظام السوري السابق، يمثل لحظة تاريخية ودبلوماسية فارقة".
وأعربت الخارجية اليمنية عن تطلعها لتعزيز العلاقات الثنائية بين اليمن وسوريا، من خلال إعادة افتتاح السفارة، بما يمهد لمرحلة جديدة من التعاون في مختلف المجالات.
ما دلالات العودة؟
الرئيس التنفيذي لـ"الاتحاد العام للإعلاميين اليمنيين"، محمود الطاهر، يرى أن إعادة افتتاح السفارة اليمنية التابعة للحكومة الشرعية في دمشق بعد تسع سنوات من سيطرة "المليشيات الحوثية" عليها، يمثل خطوة دبلوماسية مهمة تعكس تحولات جيوسياسية لافتة.
وفي حديثه، اعتبر الطاهر أن عودة السفارة تؤكد "استعادة الشرعية لجزء مهم من حضور اليمن في الساحة الدولية، خصوصًا في ظل سعي الحكومة إلى تعزيز علاقاتها مع مختلف الدول العربية، وخصوصًا سوريا الجديدة التي أزاحت أيضًا السيطرة الإيرانية".
وبحسب الطاهر، كانت السفارة في دمشق رمزًا لواقع الانقسام الذي فرضته "المليشيا الحوثية" المدعومة من إيران، وقد استخدمت لخدمة أجندات خارجة عن الإرادة الوطنية اليمنية.
الدبلوماسي السوري السابق، بشار الحاج علي، يرى أن هذه الخطوة تمثل إشارة سياسية مهمة بأن سوريا تتجه نحو الانفصال عن سياسة المحاور، والانخراط من جديد في محيطها العربي الرسمي والشعبي، استنادًا إلى مواقف تعزز الأمن العربي المشترك.
الحاج علي، قال إن هذه الخطوة "ليست عادية" بل تعكس توجهًا سوريًا جديدًا لإعادة التموضع ضمن الفضاء العربي بعيدًا عن المحور الإيراني، وتؤكد استعداد الإدارة السورية للانسجام مع أولويات الأمن العربي، بما في ذلك الابتعاد عن دعم الميليشيات العابرة للحدود.
إعادة العلاقات مع الحكومة اليمنية الشرعية تحمل رسالة سياسية بأن دمشق باتت أكثر انفتاحًا على النظام العربي الإقليمي، بما يعزز فرص الاستقرار ويعيد سوريا إلى دورها الطبيعي.
دعم مقبل؟
بحسب الحاج العلي، فإن دول الخليج ستقرأ هذا التطور على أنها إشارة إيجابية إلى أن دمشق ابتعدت فعليًا عن النفوذ الإيراني، وبناء عليه، قد نشهد دعمًا سياسيًا أوسع لسوريا، يوازيه تحريك تدريجي لمشاريع دعم اقتصادي تهدف إلى تعزيز استقرارها الداخلي.
غير أن هذا الدعم سيظل مشروطًا ومقيدًا برفع العقوبات، ويقع على عاتق الإدارة الجديدة اتباع سياسات وممارسات واضحة ومستدامة تظهر الاستجابة للمتطلبات الداخلية و تتسق مع السيادة السورية وتؤكد استمرارية سوريا في هذا المسار العربي، بعيدًا عن سياسات الاصطفاف السابقة.
في 30 كانون الأول 2024، أجرى وزير الخارجية اليمني شائع محسن الزنداني، اتصالًا بوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، أكد خلاله على أهمية تعزيز الروابط الأخوية بين البلدين، ووقوف الحكومة اليمنية إلى جانب الحكومة السورية وتهانيها للشعب السوري بمناسبة انتصاره.
وأشار الزنداني، إلى أن الحكومة اليمنية ستعمل على إعادة فتح سفارتها في دمشق في أقرب وقت ممكن لتعزيز العلاقات والتواصل المباشر بين البلدين. من جانبه أكد وزير الخارجية السوري اهتمام بلاده بالعلاقات الأخوية مع اليمن وأهمية العمل على إحياءها وتطويرها بما يخدم مصالح الشعبين والبلدين.
صراع السفارة
وزير الخارجية اليمني السابق، أحمد عوض بن مبارك، أعلن في 11 تشرين الأول 2023، تسليم حكومة النظام السوري السفارة اليمنية في دمشق، إلى الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا عوضًا عن الممثل التابع لـ "الحوثيين".
قال بن مبارك لموقع "إندبندنت عربية"، أن وزير الخارجية السوري السابق، فيصل المقداد، أبلغه بأنهم أخرجوا الحوثيين من مبنى السفارة اليمنية في دمشق". وأضاف أن "هذا الأمر جاء ثمرة لقاءاتنا الأخيرة مع الأشقاء السوريين في مصر والسعودية"، في إجراء يشير للدور السعودي في إعادة العلاقات بين النظام والدول العربية.
وعن الإجراء الحكومي المنتظر أكد الوزير اليمني أن حكومته "مستعدة فورًا لتعيين بعثة دبلوماسية هناك في الفترة المقبلة".
تدعم السعودية الحكومة الشرعية باليمن ضد جماعة "الحوثيين" المدعومة من إيران، والتي تسيطر على عدة مدن رئيسة مثل العاصمة صنعاء. ونتيجة لفقدانهم "الشرعية الدولية"، كان "الحوثيون" لا يمتلكون أي تمثيل دبلوماسي خارجي إلا في إيران وسوريا.
اعترف المدير في وزارة المالية التابعة لـ "الحوثيين"، خالد العراسي، بإبلاغ السلطات السورية ممثلي الجماعة بإخلاء السفارة اليمنية في دمشق، معتبرًا ذلك فشلًا في "الاختبار الوحيد للتمثيل في العلاقات الدولية".
كان اليمن ضمن الدول العربية التي قاطعت النظام السوري السابق دبلوماسيًا، بعد عام 2011، فيما زادت حالة القطيعة بين البلدين عقب تدخل التحالف بقيادة السعودية باليمن في آذار 2015، بعد وقوف النظام مع "الحوثيين"، وإقامته علاقة دبلوماسية مع جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، التي عيّنت سفيرًا لليمن بدمشق، في آذار 2016.
وعيّنت جماعة "الحوثيين" القيادي في حزب "البعث اليمني" (جناح سوريا)، نايف أحمد القانص، سفيرًا لها بدمشق، الذي شغل منصب نائب رئيس "اللجنة الثورية العليا".
في تشرين الثاني 2020، أعلنت الجماعة تعيين الإعلامي عبد الله علي صبري سفيرًا لها في دمشق خلفًا للقانص، لترد الحكومة اليمنية بإعلانها بدء ملاحقة ثلاثة من قيادات من الجماعة تتهمهم بـ"انتحال صفات دبلوماسية في إيران وسوريا"، منهم السفيران السابقان.