السبت, 8 نوفمبر 2025 09:28 PM

فوز زهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك: زلزال سياسي ودلالات عميقة تتجاوز حدود المدينة

فوز زهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك: زلزال سياسي ودلالات عميقة تتجاوز حدود المدينة

حسن حردان

ما هي الرسائل التي يحملها فوز زهران ممداني في انتخابات عمدة مدينة نيويورك، العاصمة الاقتصادية والمالية للولايات المتحدة؟ هل يرتبط فوزه بانتقاده الشديد للحرب الإسرائيلية في غزة ودعمه للقضية الفلسطينية؟ وما أهمية مواقفه المساندة للطبقات الفقيرة والمهمشة في نيويورك؟ ولماذا حظي بتأييد كبير من الشباب في مانهاتن، المدينة التي تضم الأثرياء والشركات المالية الكبرى في وول ستريت؟ وماذا يعني ذلك بالنسبة لتغير آراء الجيل الجديد من الشباب الأميركي؟

إن فوز المرشح الديمقراطي زهران ممداني بمنصب عمدة مدينة نيويورك، التي تعتبر أكبر المدن الأميركية ومركزاً مالياً عالمياً، يمثل لحظة محورية تحمل دلالات عميقة على مستويات عدة:

أولاً، يبرز موقفه الواضح والحازم في إدانة الحرب الإسرائيلية في غزة، وإصراره على مواقفه المنتقدة لسياسات الحكومة الإسرائيلية، رغم تعرضه لضغوط من اللوبي الصهيوني. وقد وصلت انتقاداته إلى حدّ الإشارة إلى إمكانية تطبيق القانون الدولي على شخصيات إسرائيلية مثل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في نيويورك بعد فوزه، وهو ما أكده بعد انتصاره.

تصويت احتجاجي وتحوّل: يرى الكثيرون في فوزه، رغم وجود أكبر تجمع لليهود خارج "إسرائيل" في نيويورك، "زلزالاً سياسياً" وانتصاراً لغزة وهزيمة للتيار الصهيوني واليمين الجمهوري (دونالد ترامب).

رمزية الانتصار: كونه أول مسلم ومن أصول جنوب آسيوية يتولى هذا المنصب الرفيع، ومواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية، يمنحه تأثيراً رمزياً كبيراً كصوت للعدالة الاجتماعية والقضايا الدولية من داخل أكبر مدينة أميركية.

ثانياً، تبرز أهمية مواقف ممداني الداعمة للطبقات الفقيرة والمهمشة، وأجندته التقدمية الاجتماعية. فقد عرّف ممداني نفسه بأنه اشتراكي ديمقراطي وقاد حملته بناءً على برنامج يركز على قضايا الطبقة العاملة. واستند جزء كبير من حملته إلى وعود بتحسين الخدمات العامة وتجميد الإيجارات لخدمة الطبقات الأقل حظاً. وصوّر ممداني حملته على أنها صراع بين الطبقة العاملة وأصحاب المليارات، متجاهلاً الأموال الطائلة التي ضخّت ضده من لجان العمل السياسي المناهضة له، خاصة من مجتمع المال والاستثمار في وول ستريت. وقدّم رؤية أمنية تركز على برامج الوقاية وبدائل السجون، ما جذب الناخبين المنتقدين لسياسات العدالة الجنائية السابقة.

ثالثاً، التحوّل في موقف الشباب والرأي العام: تمثل نسبة الـ 38% من أصوات الشباب في مانهاتن (مدينة الأثرياء وشركات المال) نسبة مهمة، خاصة في ظلّ تركيز الحملة على التناقض بين الطبقة العاملة والمليارديرات. (ملاحظة: البيانات التي تمّ البحث عنها تؤكد ارتفاع نسبة المشاركة القياسية في الانتخابات بشكل عام، وفوز ممداني بدعم الجناح التقدمي، ولكنها لم تقدّم إحصائية محددة لنسبة 38% من تصويت الشباب في مانهاتن تحديداً).

دلالة التحوّل: يشير هذا الدعم، خاصة في معقل اقتصادي مثل مانهاتن، إلى أنّ الجيل الجديد من الشباب الأميركي قد أصبح:

  • أكثر تقبّلاً للأصوات التقدّمية واليسارية التي تدعو إلى العدالة الاقتصادية والاجتماعية.
  • أكثر انفتاحاً على التنوع ويرفض الخطابات التقليدية المحافظة.
  • أكثر حساسية للقضايا الدولية ومواقف تنتقد سياسات المؤسسة الأميركية التقليدية تجاه قضايا مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

يمثل فوز ممداني، وهو أصغر عمدة للمدينة منذ أكثر من قرن، انتصاراً لـ "الجناح التقدمي" في الحزب الديمقراطي وصوتاً من جيل جديد يطمح لسياسة مختلفة تماماً عن سابقه.

بشكل عام، يُعتبر فوز ممداني انقلاباً ثقافياً وسياسياً في صورة القيادة السياسية الأميركية، ويشير إلى وجود تحوّل أعمق في الوعي الغربي تجاه قضايا العدالة والمساواة، سواء على صعيد دعم الطبقات الفقيرة، أو على الصعيد العالمي لناحية مساندة القضية الفلسطينية (أخبار سوريا الوطن1-الكاتب)

مشاركة المقال: