الأربعاء, 23 أبريل 2025 07:32 PM

فوضى قرارات إعادة الموظفين في سوريا: غموض المعايير وتضارب الإجراءات يثيران القلق

فوضى قرارات إعادة الموظفين في سوريا: غموض المعايير وتضارب الإجراءات يثيران القلق

في خطوة اعتبرها البعض تصحيحاً جزئياً لأوضاع مجحفة، أعلنت عدة وزارات في سوريا عن إعادة موظفين سبق أن تم وضعهم قسرياً في إجازات لمدة ثلاثة أشهر، رغم عدم وجود أي سند قانوني لهذا الإجراء في قانون العاملين الأساسي. بينما ينتظر آلاف الموظفين في باقي القطاعات قرارات مماثلة، لا يزال الغموض يلف مصير عدد كبير من العاملين في القطاع العام، خصوصاً مع تواتر الحديث عن “إعادة هيكلة” تفتقر إلى المعايير الواضحة والشفافية.

أحدث هذه القرارات جاء من الهيئة العامة للمياه، التي ألغت قراراً سابقاً يقضي بإعادة العاملين الذين كانوا يؤدون الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية بتاريخ 8 كانون الأول 2024، وأعادتهم إلى عملهم “لدى جهاتهم أصولاً”. القرار طال أيضاً العاملين التابعين سابقاً لوزارة الموارد المائية، في محاولة لترميم ما بدا أنه إجراء تعسفي لم يراعِ ظروف العاملين أو حقوقهم القانونية.

وفي وقت سابق من نيسان الجاري، أصدرت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل قراراً يقضي بإلغاء الإجازات القسرية الممنوحة لعدد من موظفيها لمدة ثلاثة أشهر، والتي كانت قد أثارت جدلاً واسعاً لعدم استنادها إلى أي بند قانوني في قانون العاملين الأساسي. وجاء في القرار، الذي وقّعته وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات، توجيه الجهات التابعة للوزارة بإعداد مباشرات للعاملين المتأثرين بهذه القرارات، وإعادتهم إلى مواقع عملهم الأصلية، مع الإشارة إلى أن العاملين الذين صدر بحقهم قرارات قطع الإجازة قبل تاريخ القرار الجديد سيبقون في أماكن عملهم الحالية.

وزارة الاقتصاد والصناعة كانت قد أصدرت منتصف نيسان قراراً مماثلاً يقضي بقطع الإجازة الخاصة بتمام الأجر الشهري المعمول به حالياً، والممنوحة للعاملين لدى الإدارة المركزية للمؤسسة العامة لتجارة وتصنيع وتخزين الحبوب وفروعها في المحافظات، وإعادة كل منهم إلى عمله اعتباراً من تاريخ تبلّغهم مضمون القرار، والذي شمل أسماء أكثر من 100 موظف وموظفة في فروع مؤسسة الحبوب بالمحافظات. إلا أنها أعلنت قبل يومين تمديد الإجازات المأجورة للعاملين حتى استكمال عملية إعادة الهيكلة، دون أن توضح المعايير أو الجداول الزمنية، ما أثار مخاوف من أن تتحوّل هذه الإجازات إلى آلية غير معلنة للفصل التدريجي. وبحسب ما نص القرار يتطلب استدعاء أي موظف من هذه الإجازة “موافقة الوزير بناء على مقترح المدير المباشر”، ليبدي البعض تخوفاً من أن هذا البند قد يفتح الباب أمام المحسوبيات.

أما الأحوال المدنية، فقد شهدت قراراً صادماً بإلغاء عقود 479 عاملاً دفعة واحدة، معظمهم من أصحاب العقود السنوية، وضمن برامج دعم المسرّحين أو ذوي القتلى، مما أثار موجة استياء واسعة بين الموظفين وأوساط المتضامنين معهم.

ولا تبدو شركة الاتصالات في حال أفضل، فمع أن بعض الأخبار تحدثت عن إعادة 68 عاملاً في شركة اتصالات حلب ممن تم اعتبارهم في “إجازة مأجورة”، إلا أن الصورة لا تزال ضبابية، وسط غياب أي بيان رسمي يوضح الإطار الزمني أو المعايير التي تم اعتمادها. وعلى الرغم من أخبار إعادة عاملين بالاتصالات في حلب، برز خبر آخر نشرته صفحة “” (صفحة لمطالب العمال المفصولين) بصدور قرار يعيد 22 موظفا من أصل 173 تم منحهم إجازة مأجورة في هيئة الاستشعار عن بعد التابعة لوزارة الاتصالات، ما يمكن أن يكون مؤشراً على انتقائية من نوع ما في وقت يجب أن تكون القرارات شفافة واضحة ومتاحة على صفحة الوزارة بالفيسبوك لمن يود الاطلاع عليها.

تكشف هذه الإجراءات المتضاربة عن مشكلة عميقة في إدارة الموارد البشرية كذلك في الشفافية، حيث تُتخذ القرارات المتعلقة بمصير آلاف الموظفين بعيداً عن الشفافية أو النقاش المؤسسي، ولا يظهر أن هناك استراتيجية موحّدة أو إطار زمني محدد لإعادة الهيكلة الموعودة، الأمر الذي يجعل العاملين في حالة مستمرة من الترقب والتوجس.

وسبق أن طالت قرارات الفصل والإجازات القسرية لمدّة ثلاثة أشهر معظم الوزارات والمديريات، وشملت آلاف الموظفين في القطاع العام، من دون توضيح المعايير التي تم على أساسها اختيار الأسماء المشمولة بهذه الإجراءات.

في المقابل، برّرت حكومة تصريف الأعمال السابقة هذه الخطوات ضمن ما وصفته بخطة “إعادة هيكلة” تهدف إلى الحدّ من الهدر والفساد، مشيرةً إلى وجود موظفين يتقاضون رواتب من دون دوام، وآخرين يحصلون على أكثر من راتب من جهات رسمية متعددة، إلا أن هذه التبريرات لم تترافق مع إعلان أي آلية واضحة للتحقق من الحالات، ما جعل قرارات الفصل أو الإجازة القسرية تبدو عشوائية وغير مبنية على تقييم فردي عادل.

مشاركة المقال: