الجمعة, 6 يونيو 2025 08:53 PM

في الذكرى السادسة لاستشهاده: السوريون يستذكرون عبد الباسط الساروت.. من حارس مرمى إلى أيقونة الثورة

في الذكرى السادسة لاستشهاده: السوريون يستذكرون عبد الباسط الساروت.. من حارس مرمى إلى أيقونة الثورة

يصادف اليوم الأحد الذكرى السادسة لاستشهاد الثائر والمقاتل السوري، منشد الثورة و"حارسها" عبد الباسط الساروت، ابن مدينة حمص، على جبهات القتال في إدلب.

شارك الشاب المولود عام 1992 في الثورة السورية منذ بدايتها، وتصدر المظاهرات السلمية حيث لعب فيها دورا بارزا بصوته الشجي، وأناشيده الثورية، وبمكانته كحارس مرمى معروف، ترك مستقبله الكروي والمكاسب التي كان ربما ليحرزها، من أجل المشاركة في إسقاط الأسد ونيل الحرية.

ومع إصرار النظام على الحل العسكري، أسس الساروت كتيبة "شهداء البياضة" وقاتل ضد قوات الأسد، في ظروف صعبة جدا بمدينته حمص، حيث تعرض مع رفاقه للحصار، وأصيب مرات عدة، قبل أن يضطروا للتهجير نحو الشمال السوري.

ومع خروجه، لم يتوقف منشد الثورة عن القتال، بل حمل سلاحه ليشارك في صد العدوان الروسي – الإيراني المشترك مع قوات الأسد على إدلب. وتعرّض الساروت لإصابة بليغة على إحدى الجبهات القريبة في ريف حماة في شهر حزيران من عام 2019، ثم نقل إلى المشفى ليلقى حتفه في الثامن من ذلك الشهر.

ينتمي عبد الباسط – من حي البياضة بمدينة حمص – لأسرة بدوية فقيرة، والده ممدوح من عشيرة النعيم العربية، ووالدته من عائلة نزحت من الجولان، له 9 إخوة، 6 ذكور و3 إناث، وكان قد ترك المدرسة بعد وصوله للصف التاسع وبدأ العمل مع والده في الحدادة.

فُجعت والدته بعدة أبناء قبل عبد الباسط، حيث قُتل أخوه الوليد في تشرين الثاني 2011، ثم توفي والده في تشرين الأول 2012، ثم قتل أخوه محمد في 2013، وأخواه أحمد وعبد الله عام 2014، فضلا عن موت عمه و4 من أخواله وعدد من أبناء خالته وأقربائه؛ جميعهم توفوا خلال الثورة وما رافق أحداثها من قصف وحصار.

كان الشاب بارعا في اللعب بكرة القدم، حيث أصبح حارسا لمنتخب سوريا للشباب، وحصل على عدد من الجوائز، أهمها جائزة أفضل ثاني حارس مرمى في قارة آسيا، وذلك قبل انطلاق الثورة السورية في آذار 2011.

لاحقت أجهزة النطام الأمنية الساروت، الذي كان يبلغ من العمر 19 عاما حينها، كما روّجت وسائل إعلامه عدة شائعات عنه، وعندما عجزت عن الإمساك به، عرضت عليه تسوية أمنية تضمنت ذهابه لدمشق وعودته لوضعه السابق وزيارته للقصر الجمهوري مقابل الخروج على قناة موالية وإعلان تأييده للنظام لكنه رفض العرض، مما دفع النظام لرصد مكافأة مادية لمن يقتله أو يعتقله.

بعد ذلك اقتحمت قوات الأسد حي البياضة في أواخر عام 2011، وداهمت منزله ودمرته قبل أن يهرب الساروت مع عائلته، لكن أخاه الوليد لقي حتفه في ذلك الاقتحام مع عدد من أبناء خالته وأصدقائه.

فرض الجيش سيطرته الكاملة على البياضة في أيار 2012، كما حاصر ما بقي من أحياء حمص التي لم يستطع دخولها ولجأ إليها الساروت، ومع اشتداد القصف والجوع حاول عبد الباسط الخروج مع عدد من رفاقه عن طريق قنوات الصرف الصحي إلى ريف حمص الشمالي لكنهم لم يتمكنوا من ذلك، ثم قرروا كسر الحصار بأي شكل عبر شنّ معركة ضدّ قوات الأسد استُشهد فيها عدد من المقاتلين بينهم أحد إخوته، وأصيب الساروت خلالها في قدمه.

واستمر الحصار الخانق مع القصف اليومي، وسط رفض الساروت للخروج وإصراره على المقاومة وكسر الحصار، وخاض عدة معارك كانت أبرزها محاولة نقل أكياس الطحين عبر نفق تسلل داخله نحو 100 من المقاتلين لكن النظام اكتشفهم فقصف فتحة النفق بقذائف الدبابات، وجرت معركة بين الطرفين ارتقى فيها نحو 60 مقاتلا، كان منهم اثنان من إخوة الساروت ومعظم مقاتلي كتيبته، وفي النهاية خرج الساروت إلى ريف حمص الشمالي مع عملية تهجير واسعة لسكان حمص في أيار من عام 2014.

خرج بعد ذلك إلى الشمال السوري، ثم عاش لنحو سنة ونصف السنة في تركيا، قبل أن يعود للشمال السوري، وانضم في أواخر عام 2017 مع كتيبته إلى جيش العزة أحد الفصائل العاملة في ريف حماة الشمالي.

شارك مع جيش العزة في صد حملة عام 2019، لكنه أصيب بقذيفة نقل على إثرها إلى مشفى في الدانا بريف إدلب الشمالي، ثم إلى تركيا يوم 7 حزيران 2019، وتوفي صباح اليوم التالي.

دُفن بمدينة الدانا في إدلب بعد جنازة لم تشهد لها المنطقة مثيلا، حيث شيعه عشرات الآلاف، كما أقام السوريون عليه صلاة الغائب وأقيمت له مجالس عزاء في عدة مدن سورية.

مشاركة المقال: