الأحد, 27 أبريل 2025 08:39 PM

فيلم "300 ميل": رحلة بصرية مؤثرة في قلب الثورة السورية من درعا إلى حلب

فيلم "300 ميل": رحلة بصرية مؤثرة في قلب الثورة السورية من درعا إلى حلب

دمشق-سانا: يتميز الفيلم الوثائقي "300 ميل" للمخرج عروة المقداد، من بين العديد من الأفلام التي وثقت الثورة السورية، برصده لجبهات القتال بين الثوار وجيش النظام في مناطق سورية مختلفة. الفيلم، الذي عُرض لأول مرة في دمشق خلال تظاهرة "بداية" في بيت فارحي، يمتد لـ 36 دقيقة، ويفتتح بمشهد مؤثر يجمع المخرج المقداد بابنة شقيقه نور، التي تسأله ببراءة: "من أين أبدأ الحكاية؟".

ينتقل الفيلم من درعا، حيث تولى التصوير فراس ونور المقداد، إلى حلب شمالاً، التي صور مشاهدها المخرج نفسه. عنوان الفيلم مستوحى من المسافة بين حلب وحوران (300 ميل)، وهي مسافة كانت مستحيلة على المدنيين، ولكنها تمثل خطوط الجبهات والحواجز والمعارك.

تظهر الطفلة نور في مشاهد عدة، تتحدث عن الأهل وأحوال حوران، وتصف تغيرات الأماكن وقطع شجرتها المحببة، بينما تُسمع أصوات الانفجارات والقنابل. لقد تغيرت اهتمامات الطفولة لدى نور، فلم تعد تعنيها أرجوحتها القديمة، بل تتساءل عن معاني الحرب: "التصفية؟ الهدنة؟ قصف؟ الطيران؟…"، وكأنها تحاسب الضمير الإنساني على الصمت أمام معاناة السوريين.

نسمع في الفيلم أحاديث الثوار وتساؤلاتهم: "أين العدل؟ إلى متى؟ ماذا سيحدث إذا خرج العالم مظاهرات داعمة لنا؟ هل مكتوب على الإنسان أن يموت كي يكون حراً؟". شخصية القائد الثوري "أبو يعرب" تجسد البطولة والشجاعة، حيث يصف المحاربين الأوفياء للمبادئ: "جيش عرمرم مدجج بأعنف الأسلحة، ويقف بوجهه بارودة عمرها ٥٠ سنة بيد شاب ٢٠ سنة، أليس ذلك إنجاز أسطوري؟"، ثم يختفي وسط الضباب.

"عدنان"، الطالب الجامعي الذي ترك دراسته والتحق بالثورة، يمثل أحلام الشباب، مع تعليقات ساخرة تعبر عن الواقع الأليم في ظل إجرام النظام. الفيلم يسافر بين واقع حلب وحوران، مؤكداً التمازج بين أوجه الثورة، ويعيش جبهات القتال ويوميات الثوار وظروفهم الصعبة.

هدوء الفيلم، رغم تصويره من جبهات القتال، لافت، ومن الأصوات غناء جدّة المخرج من الفلكلور الحوراني، بصوت مليء بالحزن والأسى. وفي المشاهد الأخيرة، صمتٌ غداة القصف، تخترقه أصوات سيارات الإسعاف، ودمار وخراب، ثم سنابل القمح الصفراء تعلن النهاية الممزوجة بالأمل.

في رسالة أرسلها المخرج لتظاهرة بداية وسوريا، أكد فيها أن 14 عاماً خسرنا فيها الكثير، لكننا ما زلنا هنا، ووجدنا طرقاً كثيرة لنلتقي، ومنها السينما. وأشار المقداد إلى أنه أنتج الفيلم وهو مختبئ، ثم دار الفيلم العالم ولم يستطع أن يكون معه، لكن هذا التوقيت هو الأحب للقلب لأنه "يسبقني لدمشق، ربما لأن الفن في جوهره قادر أن يكون أكثر حرية من صانعه".

يُشار إلى أن الفيلم عُرض في مهرجانات عالمية مهمة مثل مهرجان "لوكارنو- سويسرا"، وحاز عدة جوائز، منها جائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان "دوك ليزبوا – البرتغال".

مشاركة المقال: