تواجه شركات الصرافة في الشمال السوري، وخاصة تلك العاملة في المناطق المحررة، تحديات كبيرة قد تهدد بإفلاس أو إغلاق العديد منها، وذلك في ظل الإجراءات الجديدة التي يتبناها مصرف سوريا المركزي لإعادة هيكلة وتنظيم السوق المالية في البلاد. وهذه التحديات تزداد تعقيداً بسبب الدور الكبير الذي ما زالت تلعبه شركات الصرافة في تدفق الدولار إلى السوق، سواءً كانت مرخصة من قبل النظام السابق أو الحكومات المحلية السابقة مثل حكومة “الإنقاذ”.
إجراءات مصرف سوريا المركزي
أصدر مصرف سوريا المركزي القرار رقم (199/ ل إ)، الذي يتضمن مجموعة من الشروط لتسوية أوضاع مكاتب وشركات الصرافة. من أبرز هذه الشروط: تقديم طلب ترخيص من الشركات الراغبة في التوافق مع القوانين الجديدة، دفع نفقات التحقيق المطلوبة، وتقديم مستندات من الجهات المختصة لدعم طلب الترخيص. كما يُشترط على الشركات إيداع مبلغ مليون وربع مليون دولار أميركي في حسابات تفتح باسمها لدى البنك المركزي، مما يضع عبئاً كبيراً على الشركات الصغيرة والمتوسطة.
تأثير القرار على شركات الصرافة
من جهة أخرى، يرى الباحث الاقتصادي يونس الكريم أن الآلية الجديدة للترخيص تتسم بالصعوبة، مقارنة بالإجراءات السابقة التي كانت أكثر تساهلاً. هذه الشروط المعقدة قد تدفع بعض الشركات إلى الإغلاق أو إلى العمل في السوق غير الرسمي، مما يعرضها لآثار قانونية كبيرة.
ويشير الكريم إلى أن بعض الشركات المالية في الشمال السوري بدأت في التحول نحو البورصات والأسواق الإلكترونية، مثل العملات الرقمية، بحثاً عن أرباح خلال فترة التجميد، ما أدى إلى خسائر كبيرة لبعض هذه الشركات.
تحديات إضافية
من جانبه، يؤكد الباحث الاقتصادي يحيى السيد عمر أن العديد من شركات الصرافة تواجه تحديات أخرى، مثل التراجع في النشاطات التجارية وضعف الدخل، مما يهدد بعض الشركات بالإفلاس أو الإغلاق. كما يواجه البعض صعوبة في الامتثال للمعايير الجديدة التي وضعها البنك المركزي.
ويضيف عمر أن بعض الشركات قد تتحول للعمل في السوق الموازية (الظل)، وهي سوق غير مرخصة، وهذا يزيد من صعوبة ضبط السوق المالية بشكل عام، ويتطلب مزيداً من التنسيق بين البنك المركزي والجهات الأمنية.
دور الشركات المقربة من النظام السابق
ويلاحظ الكريم أن شركات الصرافة المقربة من النظام السابق لا تزال تحظى بتعاون كبير من الحكومة الحالية، مثل شركة “شام كاش”، التي أبرمت شراكات مع شركات كانت تعتبر جزءاً من النظام السابق. ويعزو الكريم ذلك إلى أن هذه الشركات تمتلك شبكة علاقات واسعة وأصولاً كبيرة، مما يجعل الحكومة الحالية بحاجة إلى هذه الشركات لتوفير السيولة الاقتصادية، حتى وإن كانت محط أنظار العقوبات الغربية.
حلول مقترحة لضبط السوق
يرى الكريم أن هناك عدة خطوات يمكن أن يتخذها البنك المركزي لضبط السوق، مثل السماح بتداول الدولار لتوفير السيولة، والعمل على توسيع نطاق التعاون مع شركات الصرافة الصغيرة والمتوسطة بدلاً من اقتصاره على الشركات الكبرى. ويقترح أيضاً إعادة النظر في آليات الترخيص، بحيث يُعتمد على الاحتياطي الإجباري بدلاً من فرض وديعة ضخمة.
سوريا اليوم