الأربعاء, 23 يوليو 2025 04:30 PM

قرية غريقة فوقاني: قصة عطش وإهمال مزمن في ريف الحسكة

قرية غريقة فوقاني: قصة عطش وإهمال مزمن في ريف الحسكة

تقع قرية غريقة فوقاني في ريف محافظة الحسكة، على بعد 25 كيلومترًا جنوب ناحية القحطانية، وتضم حوالي 70 عائلة. تعاني القرية منذ سنوات طويلة من أزمة مياه حادة نتيجة لغياب أي بئر ارتوازي يوفر مصدرًا دائمًا وآمنًا للمياه لسكانها، مما اضطرهم إلى الاعتماد على حلول فردية مكلفة ومرهقة، دون أي دعم من الجهات الرسمية.

معاناة مستمرة ومطالب منسية

على الرغم من المطالبات المتكررة، في عهد النظام السابق وحتى اليوم، لم تتلق القرية أي استجابة فعلية، وظلت مناشدات السكان دون جدوى. ومع انخفاض منسوب المياه الجوفية وتراجع الأمطار في السنوات الأخيرة، أصبح الوضع لا يطاق، خاصة وأن معظم السكان يعتمدون في معيشتهم على الزراعة وتربية الأغنام.

حلول مكلفة وغير مستدامة

في ظل غياب البنية التحتية المائية، يلجأ بعض الأهالي إلى حفر آبار سطحية يصل عمقها إلى أكثر من 130 مترًا، بتكلفة تتراوح بين 2500 و3000 دولار للبئر الواحد، شاملة الحفر، الغطاسات، التمديدات الكهربائية، وقمصان الحماية. هذه التكاليف باهظة على الأهالي، وغالبًا ما تكون المياه الناتجة عن هذه الآبار غير صالحة للشرب أو لا تكفي لسد الاحتياجات اليومية.

ليست حالة استثنائية

قرية غريقة فوقاني ليست حالة معزولة، بل تمثل جزءًا من أزمة أوسع تشهدها معظم قرى ريف القحطانية وريف الحسكة عمومًا، حيث تعاني مناطق واسعة من غياب مصادر المياه المستقرة، وسط تجاهل رسمي مزمن وتراجع الاستجابة من قبل المنظمات الإنسانية. هذا الواقع يهدد الأمن المائي في المنطقة، ويدفع بالمزيد من السكان نحو النزوح أو الاعتماد على مصادر غير مضمونة.

أصوات من القرية

أبو عبد الله (40 عامًا)، أحد سكان قرية غريقة فوقاني، صرّح لسوريا 24: "نحن نعيش أزمة مياه حقيقية. حفرت بئرًا سطحيًا بعمق 150 مترًا كلفني 2800 دولار، ومع ذلك، لا يكفي إلا لفترة محدودة. الكثير من جيراني لا يستطيعون تحمّل هذه التكاليف. بعض الآبار التي حُفرت كانت مياهها غير صالحة للشرب. تعبنا من نقل المياه من القرى المجاورة يوميًا."

أم خالد، ربة منزل، تقول: "الحصول على المياه أصبح عبئًا يوميًا. ننتظر وصول الخزانات، وأحيانًا لا تأتي. نضطر إلى تقنين استخدام الماء حتى في الطهي والغسيل. نريد حلًا دائمًا يحفظ كرامتنا."

حسن العلي، مزارع من القرية، يضيف: "نحن مزارعون ومربو ماشية. الماء يعني استمرار رزقنا. بدون بئر ارتوازي يخدم القرية، حياتنا معرضة للخطر. نطالب السلطات المحلية والمنظمات بالتحرك الفوري."

مناشدة عاجلة للجهات المعنية

يطالب أهالي "غريقة فوقاني" بتدخل عاجل من الجهات المسؤولة لحفر بئر ارتوازي يخدم القرية ويضمن حقهم في الحصول على المياه. هذه المطالبة لا تخصّ القرية فقط، بل تعكس حاجة إنسانية ملحة في معظم قرى المنطقة التي تعاني من الإهمال والجفاف. إن حق الناس في المياه لا يجب أن يبقى رهينًا للظروف أو الإمكانيات الفردية. فالحل الجذري يبدأ من الاعتراف بأن الماء ليس رفاهية، بل حياة.

مشاركة المقال: