الأحد, 26 أكتوبر 2025 10:21 PM

قصص ملهمة: سوريات يشاركن تجاربهن في مواجهة سرطان الثدي

قصص ملهمة: سوريات يشاركن تجاربهن في مواجهة سرطان الثدي

عنب بلدي – كريستينا الشماس

"كوني قوية.. ستنتصرين على المرض"، بهذه الرسالة ألهمت منى الحسين، الناجية من سرطان الثدي، سيدات خلال فعالية للتوعية بأهمية الكشف المبكر عن هذا المرض. شاركت منى الحسين تجربتها في الانتصار على السرطان، مؤكدة أنه لم يتمكن من التغلب عليها. وفي حديثها مع عنب بلدي، تحدثت عن رحلة علاجها وكيف اكتشفت المرض أثناء الفحص الذاتي، ما دفعها لزيارة الأطباء الذين أكدوا ضرورة إجراء عملية جراحية. ورغم الخوف والتعب، بدأت منى رحلة العلاج بشجاعة، وبعد عدد من الجرعات الكيماوية وجلسات الأشعة، تكللت جهودها بالنجاح.

أكدت منى أنها تعيش اليوم حياة طبيعية، وتحرص على إجراء الفحوص الدورية كل ثلاثة أشهر. واختتمت حديثها بتوجيه رسالة لكل امرأة: "كوني قوية، لا تخافي، وأجري فحصًا دوريًا، لأن الكشف المبكر ينقذ الحياة".

الكشف المبكر يزيد نسب الشفاء

أوضح الدكتور قحطان حامد، معاون المدير العام للشؤون الطبية في مستشفى "الزهراوي"، لعنب بلدي، أن التوجه الطبي في السنوات الأخيرة يركز على التدخلات المبكرة. وأشار إلى أن التشخيص والعلاج المبكرين يؤديان إلى نتائج صحية أفضل ونسب شفاء أعلى، خاصة في أمراض السرطان النسائية وسرطان الثدي.

كما نوه إلى المفهوم الخاطئ المنتشر بين بعض السيدات، وهو عدم مراجعة الطبيب إلا بعد ظهور كتلة واضحة أو أعراض متقدمة، مؤكدًا على أهمية المراجعة الدورية وإجراء فحوصات المسح حتى دون وجود شكوى، للكشف عن الحالات في مراحلها الأولى وتسهيل العلاج وتقليل خطورته. وأكد على أهمية التكامل بين التوعية وتقديم الخدمات الصحية لضمان فعالية الجهود الوقائية، مشيرًا إلى أن الفحص الذاتي للثدي ضروري ولكنه ليس كافيًا، وأن تقنية "الماموجرام" هي الاختبار الأدق للكشف عن التغيرات قبل أن تشعر بها السيدة.

وأضاف أن "الإيكو" يُستخدم عادة للفتيات دون سن الأربعين، بينما يبدأ التصوير الدوري بـ"الماموجرام" من عمر الأربعين وما فوق، مع تحديد مواعيد المتابعة بحسب حالة كل سيدة ونتائج الصورة. وفي حال ظهور أي اشتباه في الصور، تُجرى خزعة وفحوص نسيجية لتحديد طبيعة الحالة، مؤكدًا أن هناك مسارًا طبيًا متكاملًا يبدأ من الفحص الشعاعي حتى التشخيص والعلاج الجراحي أو الطبي. كما نوه إلى أن الخوف من أشعة "الماموجرام" غير مبرر، لأن جرعتها بسيطة جدًا ولا تسبب أي ضرر صحي.

أهمية الدعم النفسي

سمر العلي، التي لا تزال في رحلة علاجها من سرطان الثدي، تؤكد أن دعم عائلتها وأصدقائها هو ما يقويها في هذه المرحلة، وأن ابتسامة ابنتها تمنحها طاقة للاستمرار. وقالت: "تعلمت أن أحب جسمي حتى بندبته، وتعلمت أن القوة ليست بالشكل، القوة هي أن تبتسمي رغم كل التعب".

تعتبر سمر أن إصابتها بالسرطان ليست سوى تجربة ستنتصر عليها، مضيفة: "يمكن أن يكون الطريق صعبًا، لكنه ليس مستحيلًا، يوجد أمل بالشفاء، وكل وجع اليوم هو بداية فرح غدًا".

أما أمينة محمد، فقد وصفت لحظة إخبارها بإصابتها بسرطان الثدي بـ"لحظات حبست أنفاسها بالخوف والدموع"، لكن تلقيها للدعم النفسي والعاطفي من عائلتها، رسم لها الأمل من جديد. ورغم فقدانها لشعرها، إلا أنها لم تفقد إيمانها، وقالت: "كل جلسة علاج كانت مؤلمة، لكن كنت أرجع أقول الحمد لله، أهم شيء إني أقاتل ومستمرة".

ومع اقترابها من نهاية العلاج، تشعر أمينة بأنها ولدت من جديد، وتتعلم يومًا بعد يوم أن الحياة لا تتوقف عند المرض، بل تبدأ من مواجهته.

أشارت الاختصاصية النفسية مريم أبو عطوان، في حديث لعنب بلدي، إلى أهمية الدعم العاطفي والنفسي للسيدات المصابات بسرطان الثدي خلال رحلة العلاج، مؤكدة أن الاستماع والاحتضان والتعاطف عناصر أساسية تساعد المريضة على التكيف مع مشاعر الخوف والقلق من الانتكاسة، ما يجعل رحلة العلاج أكثر أملًا ويسرع من عملية الشفاء. ولفتت إلى أنها تركز على تصحيح المفاهيم الخاطئة حول المرض، وتوضيح أن التشخيص يمثل بداية جديدة لاكتشاف الذات وبناء القوة الداخلية، وفرصة للتصالح مع الجسد وتقدير الصمود.

وشددت على أن الدعم النفسي يلعب دورًا محوريًا في تمكين المريضة من تقبل المرض والاستمرار بالعلاج بثقة وتفاؤل، مبينة أن من أهم أهداف حملات الدعم تعزيز الروابط الاجتماعية بين المريضة وأسرتها، مشيرة إلى أن جلسات العلاج تمتد لتشمل العائلة لتعليمها كيفية احتضان المريضة والتعامل معها دون أحكام.

وأكدت أن الفرق النفسية والطبية تعمل على تقديم الفحص السريري في المراكز المتخصصة، مع ضمان الخصوصية الكاملة، ومساعدة السيدات على تعلم الفحص الذاتي في المنزل، لتشجيعهن على الكشف المبكر دون خوف أو تردد.

فعالية لرفع الوعي ودعم السيدات

نظم مستشفى "الزهراوي" فعالية في 22 من تشرين الأول الحالي، حضرتها عنب بلدي، ضمت عددًا من السيدات المصابات بالسرطان اللواتي اكتُشفت إصابتهن في المستشفى، إلى جانب سيدة متعافية من المرض شاركت تجربتها لتقديم الدعم النفسي للمصابات.

قالت الدكتورة سلام سليمان، المسؤولة عن تنظيم حملة التوعية والكشف المبكر عن سرطان الثدي في مستشفى "الزهراوي"، إن الفعالية الأخيرة جاءت ضمن سلسلة نشاطات ينظمها المستشفى تحت رعاية وزارة الصحة بهدف رفع الوعي حول الكشف المبكر عن سرطان الثدي. وشددت على أن الإرادة والتفاؤل قادران على تجاوز المحنة والانتصار على المرض، مشيرة إلى وجود اختصاصيات نفسيات يقدمن الدعم للسيدات خلال الحملة، مبينة أن هذه الخدمة تقدم مجانًا طوال شهر تشرين الأول، ضمن عيادة المستشفى التي تتابع الحالات.

وأكدت أن أجهزة مستشفى "الزهراوي" تعد الأحدث في سوريا، وتقدم خدماتها بأسعار رمزية، إضافة إلى وجود كادر طبي متعاون يتعامل مع السيدات "كأفراد من عائلته"، ويبدأ بتقديم الدعم لهن منذ اللحظة الأولى لإجراء التصوير بـ"الإيكو" أو "الماموجرام".

حملة "بينك بينك" التوعوية

تحدثت مديرة فريق "expo pregnancy"، ريم حسن، أن الفريق أطلق هذا العام، بالتعاون مع مؤسسة "عمرها"، حملة بعنوان "بينك بينك"، بهدف نشر الوعي حول أهمية الكشف المبكر، مشيرة إلى أن أحد أنشطة الحملة استهدف السيدات الناجيات والمصابات ومن لديهن خطر الإصابة، ليشكل مساحة للتبادل النفسي والدعم المعنوي بين النساء اللواتي خضن تجارب متشابهة. وأكدت أن الدعم النفسي يشكل ركيزة أساسية في التعامل مع المرض، وأن الرسالة الأساسية التي تسعى لإيصالها هي أن لكل سيدة الحق في معرفة جسدها والتعامل معه بوعي وثقة.

وذكرت أن الوصمة الاجتماعية تجاه المصابات لا تزال موجودة وإن كانت أقل من السابق، مؤكدة أن إيمان المرأة بنفسها والدعم المحيط بها يمنحانها القوة لتجاوز هذه النظرة ومواجهة المرض بشجاعة.

أعراض مبكرة

استعرضت الدكتورة سلام سليمان، المسؤولة عن الحملة في مستشفى "الزهراوي"، خطوات الكشف المبكر عن سرطان الثدي التي تبدأ بالفحص الذاتي للثديين، الذي يساعد في التعرف على ملمس وطبيعة الثديين، ويتم إجراؤه كل شهر في الأسبوع الثاني بعد الدورة الشهرية، أو في أي وقت من الشهر في حال انقطاع الدورة الشهرية لدى السيدة، مشيرة إلى ضرورة المسارعة في طلب الاستشارة الطبية عند ملاحظة أي تغير جديد وغير متناظر عند فحص الثديين.

وقالت سليمان، إن العلامات التي تستوجب الاستشارة الطبية هي:

  • تغيّر شكل أو تناظر الثديين المتعلق بالحجم.
  • تجعد جلد الثدي، وتغير لونه.
  • تغير في شكل حلمة الثدي.
  • ظهور إفرازات غير طبيعية.
  • وجود كتلة قاسية غير قابلة للحركة.
  • ملاحظة كتل أو عقد تحت الإبط.
مشاركة المقال: