الإثنين, 27 أكتوبر 2025 11:46 PM

قطع المياه عن بلدة الصبحة في دير الزور يثير أزمة إنسانية

قطع المياه عن بلدة الصبحة في دير الزور يثير أزمة إنسانية

في خطوة وُصفت بأنها "إجراء عقابي"، أقدم أحد كوادر "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) على قطع مياه الري والشرب عن أهالي بلدة الصبحة في ريف دير الزور الشرقي، مبررًا ذلك بوجود "تجاوزات" على شبكة الكهرباء من قبل بعض السكان. نتيجة لذلك، انقطعت المياه عن أكثر من 10 آلاف نسمة، يواجهون اليوم أزمة إنسانية ومعيشية خانقة.

أثار قرار قطع المياه، منذ 21 من تشرين الأول الحالي، استياءً واسعًا، خاصة مع اضطرار الأهالي للجوء إلى مصادر مياه ملوثة وغير صالحة للشرب، بحسب شهادات الأهالي الذين التقتهم عنب بلدي.

تزايد الطلب على الصهاريج

مع توقف ضخ المياه المعالجة، ازدهرت سوق الصهاريج الخاصة التي تنقل المياه مباشرة من نهر الفرات، على الرغم من معرفة الجميع بأنها غير صالحة للاستهلاك البشري وتفتقر إلى التعقيم. حمدان المحمد، صاحب صهريج لنقل المياه، يصف حالة السوق والواقع، قائلاً إن الطلب على الصهاريج عاد إلى أعلى مستوياته منذ انقطاع مياه المحطة. وأضاف: "المفارقة أننا نبيع مياهًا غير معالجة، قد تكون ملوثة. نعرف أنها لا تصلح للاستهلاك، لكن الناس مضطرة، لدرجة أنهم يطلبون مني الآن أكثر من ضعف ما كنت أنقله قبل القطع".

وأصبح الأهالي يشترون "السم" بأسعار مرتفعة، بحسب حمدان، إذ وصل سعر الصهريج (10 براميل) إلى 30,000 ليرة، أي نحو 2.6 دولار، يستخدمونها للضرورة القصوى فقط. واعتبر أن قطع المياه ليس فقط عقابًا، بل لإجبار الأهالي على شراء مياه غير معقمة.

معاناة الأهالي

يجمع الأهالي في بلدة الصبحة على أن حرمان التجمعات السكنية بالكامل بسبب تجاوزات فردية على شبكة الكهرباء هو "عقاب جماعي غير عادل" يزيد من معاناتهم المعيشية المتردية أصلًا. خليل العبد، أحد كبار السن في البلدة، شدد على ما أسماه "منطق العدالة"، معتبرًا أن القرار غير عادل وغير إنساني. وأوضح أن عددًا محدودًا من المنازل قام بتوصيل أسلاك كهربائية لتأمين الإنارة، متسائلًا: هل من المنطقي أن يُعاقب أكثر من 10 آلاف شخص، من بينهم أطفال ومرضى وشيوخ، بذنب لا يمثل إلا عددًا قليلًا لا يتجاوز أصابع اليدين؟

وقال إن قطع المياه من قبل "قسد" هو عقوبة "قاسية" تفوق أي تجاوز، مطالبًا بالعدل، ومحاسبة من تعدى على الكهرباء بشكل فردي. من جهتها، هاجر الصالح، تحدثت إلى عنب بلدي عن الأثر المباشر، ووصفت قطع المياه بتوقف الحياة. وقالت: "لم يعد باستطاعتنا غسل الملابس، ولا الطبخ بشكل جيد، والأهم هو مياه الشرب نشتري المياه المفلترة من محطات مخصصة بتصفية المياه" وفق هاجر. وقالت إن القرار عبء إضافي يضاف عليهم، موضحة أنهم يقضون ساعات طويلة للحصول على صهريج لتعبئة المياه، مشيرة في الوقت ذاته إلى قلة الصهاريج التي تعمل بنقل المياه للمنازل.

قرار مركزي

موظف في محطة مياه "الصبحة"، فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، أكد أن القرار تنفيذي ومركزي، وأنهم لا يملكون القدرة على تجاوزه، موضحًا أن الأمر كله يتعلق بالكهرباء والتجاوزات عليها. وأكد أن المسألة تتجاوز صلاحياته كمسؤول في المحطة، فالعاملون في "الصبحة" لا يمتلكون صلاحية أن يتخطوا القرار دون أمر صريح من "قسد". وأشار إلى أن المحطة لا يمكنها ضخ المياه دون طاقة كافية.

وحذر الموظف من تداعيات القرار الصحية، قائلًا إنه يرى يوميًا سلبيات هذا القرار ويدرك تمامًا حجم معاناة الأهالي. وقال إن المحطة تؤمن مياهًا مُعالجة، ولكن الآن الأهالي مجبرون على شراء المياه الخام من صهاريج الفرات مباشرة، وهي مياه غير معالجة وتحمل خطرًا حقيقيًا بتفشي الأمراض والأوبئة.

ويعيش ريف دير الزور أزمة خدمية خانقة، تتمثل في الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي منذ نحو عام ونصف، فضلًا عن تدمير البنى التحتية بشكل واسع. وقطع "مكتب الطاقة" التابع لـ"الإدارة الذاتية" في دير الزور التيار الكهربائي عن أكثر من 20 قرية وبلدة في المنطقة، بسبب ما وصفه بالمخالفات، أبرزها الشحيل والبصيرة والقرى والبلدات المجاورة لها منذ منتصف العام الماضي.

ويأتي هذا الإجراء إثر لجوء سكان هذه القرى والبلدات، على مدار سنوات، إلى استجرار الكهرباء بطريقة غير نظامية من الكوابل القادمة من مناطق سيطرة الحكومة السورية.

ريف دير الزور غارق في الظلام منذ 18 شهرًا
مشاركة المقال: