الثلاثاء, 28 أكتوبر 2025 12:27 AM

قمة آسيان الـ47 في كوالالمبور: تكامل إقليمي وتوازن استراتيجي في قلب آسيا

قمة آسيان الـ47 في كوالالمبور: تكامل إقليمي وتوازن استراتيجي في قلب آسيا

كوالالمبور-سانا: تحت شعار تعزيز التعاون الإقليمي ومواجهة التحديات المشتركة، تتواصل في العاصمة الماليزية كوالالمبور أعمال القمة السابعة والأربعين لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، بمشاركة قادة الدول الأعضاء الـ11، إلى جانب شركاء رئيسيين من الصين والولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا والهند، وتستمر ثلاثة أيام.

يشارك في القمة التي انطلقت أمس أكثر من 30 رئيس دولة وحكومة، من بينهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ، والرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، ورئيس وزراء كندا مارك كارني، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى جانب قادة دول الرابطة الـ11: أندونيسيا، ماليزيا، الفلبين، سنغافورة، تايلاند، بروناي، فيتنام، لاوس، ميانمار، كمبوديا، وتيمور الشرقية التي انضمت حديثاً.

لقاءات استراتيجية ومحاور اقتصادية

شهد اليوم الأول سلسلة اجتماعات مكثفة بين قادة آسيان ومسؤولين من الدول الشريكة، ركزت على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والسياسي، كما انطلقت أعمال “آسيان +3″، التي تضم الصين واليابان وكوريا الجنوبية، لمناقشة ملفات الاستثمار والبنية التحتية والطاقة المتجددة، والشراكات الاقتصادية الإقليمية.

توازن دقيق في قلب آسيا

تسعى دول آسيان إلى صياغة مقاربة استراتيجية تحفظ مصالحها وسط تنافس القوى الكبرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، فبينما تروّج الصين لمبادرة “الحزام والطريق” وتوسيع الشراكات التجارية، تطرح الولايات المتحدة رؤيتها القائمة على الاستثمار في الاقتصاد النظيف والآمن، مع التركيز على سلاسل التوريد والتكنولوجيا الحيوية والمعادن الحيوية. وفي هذا السياق، أكد رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم أهمية بناء شراكة جديدة تقوم على الشمولية والتوازن والتكامل، بعيداً عن الانحياز لأي طرف.

اتفاقيات اقتصادية نوعية

شهدت القمة توقيع اتفاقيات اقتصادية بارزة، منها اتفاق تجارة ثنائية بين ماليزيا والولايات المتحدة لتخفيض الرسوم الجمركية على السلع الزراعية والتكنولوجية، وتسهيل تجارة المعادن الأرضية النادرة، كما تم الإعلان عن اتفاقات لتعزيز التجارة الرقمية وتدفق البيانات بين اقتصادات المنطقة. من جانبها، أكدت الصين خلال اجتماعات “آسيان +3” التزامها بتوسيع الاستثمارات في الطاقة المتجددة والنقل والبنية التحتية، في إطار دعم “الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة”، التي تضم 15 دولة، وتشكل أكبر تكتل تجاري عالمي. وبرز انضمام تيمور الشرقية كعضو كامل في آسيان كحدث محوري، بعد 14 عاماً من الانتظار والمفاوضات، واعتبر القادة أن هذه الخطوة تعزز الطابع التمثيلي للرابطة، وتفتح آفاقاً جديدة للتعاون في مجالات الطاقة البحرية والموارد الطبيعية.

ملفات سياسية وأمنية مشتركة

ناقش القادة الوضع في ميانمار، مجددين دعمهم لـ”توافق النقاط الخمس” الذي يدعو إلى الحوار الوطني ووقف العنف وإيصال المساعدات الإنسانية، كما تناولت القمة قضايا مكافحة الإرهاب والجرائم الإلكترونية، وحماية الممرات البحرية الحيوية، وسط التوترات في بحر الصين الجنوبي، مع التأكيد على أهمية احترام القانون الدولي وضمان حرية الملاحة.

قمة أمريكية برازيلية: تعاون متجدد

أشرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على توقيع اتفاق موسع لوقف إطلاق النار بين كمبوديا وتايلاند، إلى جانب أربعة اتفاقات تجارية إقليمية، وأكد خلال قمة “الولايات المتحدة – آسيان” التزام بلاده بدعم دول المنطقة، فيما أعلن الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا عزم بلاده إبرام اتفاق تجاري جديد مع واشنطن. تأتي قمة الرابطة في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي نتيجة النزاعات التجارية وارتفاع تكاليف الطاقة، وتُعد آسيان اليوم قوة إقليمية صاعدة، إذ يبلغ عدد سكانها أكثر من 680 مليون نسمة، ويصل ناتجها المحلي الإجمالي إلى نحو أربعة تريليونات دولار، حيث يُنظر إلى تعزيز التعاون الاقتصادي البيني كخطوة استراتيجية تمنح الرابطة دوراً محورياً في صياغة توازن جديد في آسيا، قائم على الاستقلالية والانفتاح المتبادل.

مشاركة المقال: