السبت, 23 أغسطس 2025 10:45 PM

كتاب "النهضة والشعر": كيف أثرت التغيرات المادية على القصيدة العربية؟

كتاب "النهضة والشعر": كيف أثرت التغيرات المادية على القصيدة العربية؟

يتناول كتاب "النهضة والشعر" للدكتور إياس حسن، الصادر عن دار أرواد للطباعة والنشر عام 2025، تطور الشعر العربي في الشكل والمضمون وأساليب التوصيل، وذلك في ضوء المتغيرات التي شهدها عصر النهضة. وقد أتبع الدكتور حسن عنوان الكتاب الرئيسي بعنوان فرعي يوضح نطاق البحث: "أثر النهضة العربية في الشعر العربي".

يحدد الكتاب مجال بحثه في نقطتين أساسيتين: نشوء المجموعة الشعرية وتطور بيئة الشعر التواصلية، وظهور المنهج النقدي. يخصص الفصل الأول لنشوء المجموعة الشعرية، مبيناً أثر الإرساليات الدينية القادمة من الغرب والنهضة الشاملة في ظهور هذا الشكل الجديد من حوامل الشعر.

ويرى الباحث أن التطور الذي طرأ على نظم الشعر وتجميعه يعود إلى ظهور الجمعيات الثقافية، مثل جمعية شمس البر (1868) وجمعية زهرة الآداب (1869)، بالإضافة إلى تأثير انتشار الطباعة الذي أدى إلى ظهور المكتبات، كمكتبة بطرس الأمريكاني (1876) والمكتبة الظاهرية (1879).

كما يلقي الكتاب الضوء على دور الاستشراق في نشر التراث العربي، وإن كان بنظرة مختلفة عن النظرة التقليدية التي تناولته كموروث ثابت. ويتناول أثر الكتاب المطبوع كحامل مادي جديد، وكيف انتقلت الوصاية على النص من المنشد إلى الناسخ ثم الناشر، وكيف أصبح الشاعر يقوم بتجميع قصائده بنفسه، كما فعل أحمد شوقي في ديوانه "الشوقيات".

ويستعرض الكتاب تطور العنوان وعلاقته بالحامل المادي، مبيناً كيف تطور من مجرد تعريف بجنس الكتاب والكاتب إلى عنوان ترويجي مستقل، ثم إلى جزء من العملية الإبداعية، وذلك بفعل عوامل مثل الطباعة وانتشار الصحف والمجلات، كجريدة الوقائع (1828) وجريدة حديقة الأخبار (1858).

ويربط الباحث بين ظهور الصحافة وانتشارها وظهور عناوين جديدة للدواوين الشعرية، مع التركيز على الدواوين التي صدرت في سورية ومصر. كما يعزو للصحافة تأثيراً هاماً على النص الشعري، وهو تجديد أسلوب الكتابة بالابتعاد عن الإنشاء، وظهور الحاجة إلى علامات الترقيم.

ويتناول الكتاب تحولاً آخر في المجموعات الشعرية والقصائد، وهو التحقيب الذي يدل على زمن إنشاء القصائد ونشر الديوان. ويذكر أن جماعة الديوان اعتمدت صيغة أخرى للتحقيب وهي المواربة، كما في "أنداء الفجر" لأحمد زكي أبو شادي.

أما الفصل الثاني، فيتناول التطور الموازي في بيئة الشعر التواصلية وظهور النقد المنهجي، مستعرضاً روافع الشعر على مر التاريخ، وظهور الرواة في العصر الأموي والعباسي، وصولاً إلى عصر النهضة وظهور المقرظون.

ويناقش الكتاب التغيرات التي طرأت على أغراض الشعر ومقدماته، وكيف حلت التقويمات الموضوعية محل التقريظ، وكيف بدأت القصائد تدور حول مواضيع جديدة على يد خليل الخوري وسامي البارودي.

ويعود الباحث إلى مجالات أخرى لتوصيل المنتج الشعري، من الأغورا والفوروم والأسواق إلى حلقات المساجد والجمعيات العلمية والمجالس والمقاهي ومجالس البيوت والصالونات الأدبية، كصالون مريانا مراش وصالون ألكسندرا الخوري؛ أفرينوه وصالون مي زيادة.

ويختتم الكتاب بالإشارة إلى أن البحث ربط بين النهضة وتطور الحامل والموصل الشعري، لكنه لم يتناول تطور المنجز الإبداعي الشعري من الناحية الفنية إلا لماماً، لأن غاية البحث كانت تقصي العوامل التي ساهمت في ظهور المجموعة الشعرية كظاهرة تاريخية.

(أخبار سوريا الوطن 1-صالون سوريا)

مشاركة المقال: