السبت, 6 سبتمبر 2025 06:24 PM

كيم جونغ أون ينتزع اعترافاً ضمنياً بـ"نووية" كوريا الشمالية في بكين ويعقّد مهمة ترامب

كيم جونغ أون ينتزع اعترافاً ضمنياً بـ"نووية" كوريا الشمالية في بكين ويعقّد مهمة ترامب

أظهر حضور الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في العرض العسكري الذي أقيم في بكين إشارة قوية إلى تعزيز مكانته على الساحة الدولية، بالإضافة إلى تنامي القبول بفكرة كوريا الشمالية كقوة نووية. الزيارة، التي لم تتطرق إلى أي حديث عن الملف النووي، تعكس تحولاً ملحوظاً في مواقف كل من الصين وروسيا تجاه البرامج العسكرية لكوريا الشمالية.

أشار تحليل نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن مشاركة كيم في العرض العسكري الصيني تعد "دليلاً على نفوذه الجيوسياسي المتزايد".

قبل وصوله إلى بكين هذا الأسبوع على متن قطاره الخاص، كان كيم جونغ أون قد عقد خمس قمم مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، حيث تناولت جميعها موضوع إزالة الأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية. إلا أن الجولة الأخيرة من المحادثات الثنائية بينهما، والتي عقدت يوم الخميس الماضي، بدت مختلفة من حيث عدم الإشارة إلى نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية. ويعتبر هذا الأمر إنجازاً يضاف إلى سجل انتصاراته، بعد إصراره على ضرورة تقبل العالم لكوريا الشمالية، التي أجرت ست تجارب نووية منذ عام 2006، كأحدث قوة نووية.

ونقلت الصحيفة الأميركية عن لي بيونغ تشول، المحلل في معهد دراسات الشرق الأقصى في سيول، قوله إن الصين "لن تعترف رسمياً بكوريا الشمالية بصفتها قوة نووية، لكن الاجتماع الأخير أظهر أنها لم تعد تصر على نزع سلاحها النووي، وهذا يمثل تقدماً كبيراً لاستراتيجية كيم الرامية إلى قبول ترسانته النووية كأمر واقع".

في هذا السياق، يرى محللون أن زيارة كيم الأخيرة إلى بكين لم تسلط الضوء على مكانته الجيوسياسية المتزايدة فحسب، بل ساعدت أيضاً في انتزاع اعتراف ضمني من الصين وروسيا بـ"نووية" كوريا الشمالية. ففي الجانب الروسي، قدم كيم دعماً كبيراً لروسيا في أوكرانيا، من خلال إرسال قوات وأسلحة. ووفقاً لتقديرات جديدة صادرة عن مسؤولين في الاستخبارات الكورية الجنوبية، لقي نحو 2000 جندي كوري شمالي مصرعهم في ميدان القتال الأوكراني إلى جانب روسيا. والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كيم الأربعاء في بكين، وشكره مرة أخرى بشدة على دعمه ومؤازرته. وربما يكون وجوده في العرض الصيني عرفاناً بجميله، إذ ظهر واحداً من ثلاثة حلفاء.

يقول الدكتور نبيل الخوري، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة الحكمة والجامعة اللبنانية: "حضور كيم العرض العسكري الصيني، برفقة الرئيسين الصيني والروسي، يعزز حضوره على الساحة الدولية، ويؤكد تموضعه الجيوسياسي إلى جانب الصين وروسيا بمواجهة الغرب والولايات المتحدة".

ويرى ليف إريك إيزلي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة إيوا في سيول، أن كيم قادر أيضاً على أن يدّعي تحقيق انتصار دبلوماسي، "إذ انتقلت كوريا الشمالية من خاضعة لعقوبات أممية بالإجماع، بسبب برامجها النووية والصاروخية غير القانونية، إلى مرحّب بها من روسيا والصين، العضوين الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".

لسنوات عديدة، شاركت الصين وروسيا الولايات المتحدة في هدفها المتمثل في وقف برنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية. وصوّتتا مع الولايات المتحدة عندما فرض مجلس الأمن الدولي عقوبات اقتصادية صارمة على كوريا الشمالية في عامي 2016 و2017.

لكن هذا التعاون انهار مع اشتداد المنافسة الاستراتيجية بين واشنطن وبكين، وفي أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا. استخدمت كل من روسيا والصين حقها في النقض في مجلس الأمن لإحباط محاولات الولايات المتحدة فرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية في السنوات الأخيرة، ما منحها حرية اختبار صواريخ بالستية قادرة على حمل رؤوس نووية من دون عقاب.

يضيف الخوري: "إن كان من السابق لأوانه الحديث عن حلف أو محور تقوده الصين ضد الولايات المتحدة، في ما يمكن أن يسمّى 'حرباً باردة جديدة'، فإن ملامح المواجهة بدأت ترتسم، ويأتي حضور كيم العرض العسكري التاريخي ليظهر أن كوريا الشمالية تستفيد أكثر فأكثر من درع دبلوماسي صيني وروسي من شأنه أن يخفف من عزلتها من جهة، وأن يمدّها بالقوة اللازمة لتحسين شروطها في المحادثات مع الغرب بشأن برنامجها النووي".

وبحسبه، أن يكون لكوريا الشمالية حلفاء بحجم الصين وروسيا، "فهذا يمثل ورقة جيوسياسية رابحة، يمكن توظيفها لانتزاع اتفاق مع واشنطن والغرب، ملائم وكافٍ من وجهة النظر الكورية الشمالية، اتفاق من شأنه إدارة المعضلة الأمنية في شرق آسيا، وليس حلّها".

ويرى محللون أن العلاقات المتنامية بين كوريا الشمالية وروسيا والصين تعني أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيجد صعوبة أكبر في جلب كيم إلى طاولة المفاوضات، مقارنة بأول لقاء بينهما في عام 2018. وقد يشهد موقع كوريا الشمالية مرحلة جديدة إقليمياً ودولياً، بدعم من الصين وروسيا. وإن كان كيم قد نجح في فرض واقع نووي جديد، فهل يصعّب ذلك على الغرب العودة إلى طاولة المفاوضات؟

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: