لحظة نعيش فيها التحرير من جديد
وصفت سالي شوبط، رئيسة قسم المناصرة في المنتدى السوري لمنصة “سوريا 24″، هذا الحدث بأنه “لحظة تاريخية” طال انتظارها منذ انطلاق الثورة السورية قبل 14 عاماً. وقالت شوبط: “كنا نتحين هذه اللحظة، أن نرى علم نظام الأسد يُنزل أخيراً من أروقة الأمم المتحدة. صحيح أن النظام سقط في دمشق، ولكن كنا نحن، كمنظمات فاعلة في الأمم المتحدة، مجبرين على التعامل مع علم يذكرنا بالعذابات والمعاناة”. وأضافت أنها دخلت قبل أسابيع إلى مبنى البعثة السورية الأممية، وتمكنت من الحصول على العلم القديم: “أخذت العلم بنفسي، كان ذلك الشيء الوحيد الذي جعلني أشعر فعلاً بأننا نعيش التحرير مرة أخرى”. وأشارت إلى أن أهمية هذه اللحظة لا تقتصر على رمزيتها فقط، بل أيضاً لأنها تمت أمام جميع البعثات الدبلوماسية الدولية والجالية السورية في نيويورك ونيوجيرسي وسط أجواء احتفالية بالأغاني والهتافات والدموع: “بعد سنوات من تجنب التعامل مع تلك البعثة وذلك العلم، أصبح لدينا اليوم علم يمثلنا حقاً، وعنواناً لجولة ننتمي إليها بفخر”.
أسعد الشيباني: علم رفعه ملايين السوريين والشهداء
وفي كلمته للصحفيين عقب مراسم رفع العلم، قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني: “هذه اللحظة لا تخص السوريين فقط، بل تخص كل أحرار العالم. إنها تتويج لانتصار ثورة الحرية والكرامة”. وفي منشور له عبر منصة “إكس”، أكد الشيباني: “باسم الجمهورية العربية السورية، أقف اليوم في لحظة تفيض بالكرامة، لأرفع علمنا الجديد في هذا الصرح الأممي، للمرة الأولى بعد أن طوينا صفحة أليمة من تاريخنا. هذا العلم لا يرمز إلى دولة فحسب، بل إلى إرادة شعب صمد وناضل ورفض الاستسلام”. وفي مقابلة مع قناة الجزيرة، شدد الشيباني على أن رفع العلم لم يكن فعلاً فردياً: “لم أرفع العلم وحدي. رفعه ملايين السوريين، رفعه آلاف الشهداء، وآلاف المعتقلين الذين ضحوا بحريتهم وحياتهم من أجل أن نحيا هذه اللحظة”.
جدول أعمال مزدحم واتصالات دبلوماسية رفيعة
بالتوازي مع رفع العلم، بدأ الوفد السوري الجديد برئاسة وزير الخارجية جدولاً دبلوماسياً مزدحماً من اللقاءات والفعاليات الرسمية، في تحرك يوصف بأنه الأوسع منذ الإطاحة بالنظام السابق. وقد التقى الشيباني قبل انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي بالمبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، خلال اجتماع مغلق ناقش مستجدات الأوضاع السياسية والإنسانية، وأبرز التحديات أمام العملية الانتقالية. كما سيعقد الشيباني سلسلة لقاءات ثنائية مع ممثلي عدد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن، بالإضافة إلى اجتماعات مع مسؤولي مؤسسات أممية رفيعة المستوى، بينها لقاء مرتقب مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
ويتضمن جدول الأعمال أيضاً مشاركة الوزير في الجلسة السنوية لمراجعة عمل “الآلية الدولية المستقلة للتحقيق في الجرائم المرتكبة في سوريا”، إضافة إلى جلسة رفيعة المستوى خاصة بمناقشة الأوضاع في الشرق الأوسط، بمشاركة وزراء خارجية الدول الأعضاء بمجلس الأمن ودول إقليمية معنية بالملف السوري واللبناني والإسرائيلي.
أولوية استراتيجية: إزالة التصنيف الإرهابي
وتحظى زيارة الشيباني إلى الأمم المتحدة بأهمية خاصة كونها تفتح نافذة لمناقشة ملف إزالة التصنيف الإرهابي المفروض على سوريا من قبل مجلس الأمن الدولي. إذ تسعى الحكومة الجديدة لتوضيح رؤيتها وأولوياتها أمام المجتمع الدولي وكسب دعم الدول المؤثرة، من خلال اللقاءات والمشاورات الثنائية. وأكدت مصادر دبلوماسية أن الوفد السوري يركز في لقاءاته على تقديم قراءة جديدة للوضع السوري، وعلى مناقشة الخطوات اللازمة لرفع التصنيفات العقابية عن سوريا، والتي تعتبر أحد أكبر العوائق أمام إعادة الاندماج السياسي والاقتصادي الإقليمي والدولي.