الإثنين, 25 أغسطس 2025 03:00 PM

لماذا تتلاشى الذكريات بسرعة؟ نظرة على تأثير الإعلام والتواصل الاجتماعي على الذاكرة

لماذا تتلاشى الذكريات بسرعة؟ نظرة على تأثير الإعلام والتواصل الاجتماعي على الذاكرة

هل يتعلق الأمر بعلم النفس أم بالطب؟ أم أنه مجرد تقليد اعتدنا عليه في خضم الحياة اليومية المزدحمة؟ الخلاصة هي أن الذاكرة أصبحت قصيرة، لدرجة أن الأحداث تمر بسرعة وتصبح عادية، بل والأدهى من ذلك، تمر دون قيمة حقيقية.

في عالم الإعلام، يعتبر هذا الموضوع بالغ الأهمية. فتواتر الحديث عن قضية معينة، خاصة في عالم التواصل الاجتماعي، يأخذ منحى تصاعدياً، حيث يكبر ويزداد التفاعل معه، ثم سرعان ما يبدأ في الاضمحلال والاندثار، ليظهر حدث جديد يمحو أثر السابق، وهكذا دواليك.

الأمثلة كثيرة، نسمع عن "تريند" معين يدوم ليوم أو يومين، ثم تبدأ رحلة ذوبانه، ويذوب معه كل تأثيرات القصة، بحزنها وفرحها. تغيب الأمور وترحل إلى نهايتها. هل باتت طبيعة عالمنا تقتضي ذلك؟ يقولون: "النسيان نعمة"، وهو ما يتفق عليه الجميع في مواجهة الأحداث العظيمة والشديدة الوطأة على العقل والنفس البشرية.

الهدف من هذه السطور هو الإشارة إلى أن العديد من القصص والقضايا التي يشير إليها الإعلام ويتفاعل معها الناس، والتي تحتاج إلى متابعة وحلول، ترحل من تلقاء نفسها دون أي نتيجة تذكر. هناك العديد من الأقلام الإعلامية التي تشير إلى قضايا المجتمع المختلفة، وتضع يدها على الجرح، وتنقل صوت الناس، وتفتح أبواب الحلول والمعالجات والمقترحات، وتكشف عن حقائق ومواضيع في منتهى المهنية. ولو عاد البعض بالذاكرة إلى عشرات بل مئات القصص التي تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي وأخذت تفاعلاتها، لوجد أنها انتهت واضمحلت. ومن نجا منها، يمكن في أحسن الأحوال أن يصل إلى مرحلة التوضيح والتبيان والبحث، ثم يدخل في دهاليز سيرورة الأحداث وتواترها بحدث جديد، وهكذا هي الحال.

الذاكرة القصيرة تخون حفظ الأشياء، والحل البديل أمامها هو الإنجاز الحقيقي الذي يحسم الجدل فيها في وقته. السرعة والدقة ومتابعة الموضوع المثار، وتحديد البرنامج الزمني وآلية العلاج ومتابعته بكل شفافية ووضوح حتى ينجز بكل تفاصيله.

الذاكرة التي نحتاجها اليوم هي الذاكرة المفيدة الناضجة التي تؤسس لعلاقة وثيقة مع الذات ومع الآخرين، تتفاعل مع أحداثهم وتلامسها، فلا تترك فراغاً يسده المتربصون، وتتابعها لتشكل حضوراً حقيقياً له وزنه وقيمته وتأثيره، فتنتج وتبدع وتعطي وتحقق إنجازاً ملموساً يعود بالخير والنماء.

(موقع اخبار سوريا الوطن-1)

سليمان خليل

مشاركة المقال: