اختُتمت في إسطنبول، يوم الجمعة، محادثات بين نواب وزراء خارجية إيران والدول الأوروبية المشاركة في الاتفاق النووي (بريطانيا وفرنسا وألمانيا).
مثّل إيران في الاجتماع الذي استضافته القنصلية الإيرانية في إسطنبول، نائبا وزير الخارجية مجيد تخت روانجي وكاظم غريب آبادي، وفقًا لمراسل الأناضول.
لم يتم الإعلان عن أي تفاصيل أو بيانات صحفية عقب اللقاء.
أفاد غريب آبادي عبر منصة إكس عقب الاجتماع: "استضفتُ مع الدكتور تخت روانجي مسؤولين سياسيين من ثلاث دول أوروبية في إسطنبول".
وأضاف: "ناقشنا آخر التطورات في المحادثات النووية غير المباشرة مع الولايات المتحدة، ومسألة رفع العقوبات، وتبادلنا وجهات النظر".
وأكد: "إيران والدول الأوروبية الثلاث عازمة على مواصلة الدبلوماسية والاستفادة منها قدر الإمكان. وسنجتمع مجددًا لمواصلة المحادثات عند الحاجة".
يُذكر أنه كان من المقرر عقد اجتماع بين الأطراف الأوروبية الثلاثة وإيران في روما في 2 مايو، لكنه أُلغي بعد تأجيل المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران.
أعربت إيران مؤخرًا عن قلقها من إمكانية لجوء الدول الأوروبية إلى ما يُعرف بـ "آلية الزناد"، الأمر الذي قد يؤدي إلى إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة التي رُفعت بموجب الاتفاق النووي لعام 2015.
وفي مقال نُشر في صحيفة "لوبوان" الفرنسية في 11 مايو، حذر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من أن "إساءة استخدام آلية الزناد" ستكون لها عواقب وخيمة.
وأضاف عراقجي: "هذا الوضع لن يمثل نهاية دور أوروبا في الاتفاق فحسب، بل سيؤدي أيضًا إلى تصعيد التوترات بشكل لا رجعة فيه".
يأتي اجتماع إسطنبول بعد تحذير عراقجي من تبعات "لا رجعة فيها" إذا تحركت القوى الأوروبية لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران، والتي رُفعت بموجب الاتفاق المبرم مع القوى الكبرى عام 2015.
كانت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، إلى جانب الصين وروسيا والولايات المتحدة، أطرافًا في الاتفاق المعروف رسميًا باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة". وقد أتاح الاتفاق، الذي أُبرم بعد سنوات من المفاوضات المضنية، تقييد الأنشطة النووية الإيرانية وضمان سلمية برنامجها، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
في عام 2018، انسحب الرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترامب، بشكل أحادي من الاتفاق وأعاد فرض عقوبات على إيران، بما في ذلك إجراءات ثانوية تستهدف الدول التي تشتري النفط الإيراني، في إطار سياسة "الضغط الأقصى" التي تبناها ضد طهران.
من جهتها، التزمت إيران بالكامل ببنود الاتفاق لمدة عام بعد الانسحاب الأمريكي، قبل أن تتراجع تدريجيًا عن التزاماتها الأساسية بموجبه.
تدرس القوى الأوروبية الثلاث ما إذا كانت ستفعّل آلية "العودة السريعة" أو "الزناد"، وهي جزء من اتفاق عام 2015، وتتيح إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن الدولي على إيران في حال انتهاكها الاتفاق النووي. وتنتهي المهلة المتاحة لتفعيل هذه الآلية في أكتوبر 2025.
حذّر عراقجي من أن خطوة مماثلة قد تؤدي إلى "أزمة انتشار نووي عالمية تمس أوروبا بشكل مباشر"، مؤكدًا في الوقت نفسه في مقال نشرته مجلة "لوبوان" الفرنسية، أن إيران "مستعدة لفتح فصل جديد" في علاقاتها مع أوروبا.
يأتي الاجتماع مع القوى الأوروبية بعد أقل من أسبوع من جولة رابعة من المحادثات بين إيران والولايات المتحدة والتي وصفتها طهران بأنها "صعبة ولكن مفيدة"، فيما وصفها مسؤول أمريكي بأنها كانت "مشجّعة".
أشار عراقجي إلى أن المحادثات مع الأوروبيين ستكون "على مستوى نواب وزراء الخارجية".
– "مقترح مكتوب" –
خلال زيارته لقطر يوم الخميس، قال ترامب إن الولايات المتحدة "تقترب" من إبرام اتفاق مع إيران، ما من شأنه أن يجنّب عملاً عسكريًا سبق للرئيس الأميركي أن لوّح إليه في حال فشل التفاوض.
كانت المحادثات بين إيران والولايات المتحدة الأعلى مستوى منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في 2018. وتجرى هذه المباحثات بوساطة من عمان التي سبق لها أن استضافت محادثات سرية بين الطرفين، أفضت في نهاية المطاف الى الاتفاق الدولي لعام 2015.
منذ عودته إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير، أعاد ترامب اعتماد "الضغوط القصوى" حيال إيران، ولوّح بقصفها في حال عدم التوصل الى اتفاق معها.
والخميس، أفاد موقع أكسيوس الأميركي بأن إدارة ترامب قدمت لإيران خلال الجولة الرابعة من المحادثات "مقترحا مكتوبا" بهدف التوصل إلى اتفاق.
إلا أن عراقجي نفى ذلك وقال على هامش زيارة لمعرض طهران الدولي للكتاب "بشأن المحادثات (النووية) لم نتلق حتى الآن أفكارا مكتوبة من أميركا".
وأضاف "لكننا على استعداد لأن نبني ثقة وأن نكون شفافين بشأن برنامجنا النووي في مقابل رفع العقوبات".
وقال ترامب إنه قدم للقيادة الإيرانية "غصن زيتون"، مشيرا إلى أن هذا العرض لن يبقى قائما إلى الأبد. كما هدد بتشديد "الضغوط القصوى" الى حد خفض صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر إذا فشلت المحادثات.
ولطالما اتهمت دول غربية، بما فيها الولايات المتحدة، إيران بالسعي إلى تطوير أسلحة نووية، وهو ادعاء تنفيه طهران التي تؤكد حقها في التكنولوجيا النووية وأن برنامجها سلمي حصرا.
وحدّد اتفاق 2015 سقف تخصيب اليورانيوم عند 3,67 في المئة. إلا أن الجمهورية الإسلامية تقوم حاليا بتخصيب على مستوى 60 في المئة، غير البعيد عن نسبة 90% المطلوبة للاستخدام العسكري.
وتشدّد طهران على أن حقها في مواصلة تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية "غير قابل للتفاوض"، لكنها تقول إنها مستعدة لقبول قيود موقتة على نسبة ومستوى التخصيب.
والأربعاء، قال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي "إن أهداف إيران في مجال التكنولوجيا النووية شفافة وسلمية تماما".
وأكد بحسب ما نقلت وكالة "مهر" الإيرانية، أنه "لم يكن لإيران أي أنشطة نووية غير معلنة أو سرية عبر التاريخ. وتتم كافة الأنشطة النووية في البلاد في إطار التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحت الإشراف المستمر لهذه المؤسسة".