يشهد مزارعو القطن في منطقة رأس العين ضغوطًا اقتصادية متزايدة تلقي بظلالها على قدرتهم على الاستمرار في الإنتاج. ووصف أبو محمد، وهو أحد المزارعين، الوضع بأنه "صعب للغاية"، وذلك في تصريح لمنصة سوريا 24.
وأوضح أبو محمد أن ارتفاع تكاليف الأيدي العاملة، بالإضافة إلى الأقساط والديون وفواتير الطاقة الشمسية، جعل زراعة القطن غير مجدية اقتصاديًا. وأضاف: "تصل أجرة العامل لحواش الطن الواحد إلى 100 دولار، ومع بقية المصاريف، لا يتبقى لنا شيء تقريبًا بعد بيع المحصول، حتى مع ارتفاع أسعار القطن التي تتراوح بين 575 و625 دولارًا للطن".
تكاليف الإنتاج الباهظة
من جانبه، أشار أبو ملهم، وهو مزارع آخر في رأس العين، إلى أن تكلفة إنتاج الدونم الواحد من القطن تصل إلى حوالي 125 دولارًا، تتوزع على عدة بنود أساسية. وتشمل هذه البنود تكلفة السماد، حيث يبلغ سعر طن اليوريا 550 دولارًا، والسماد الترابي 350 دولارًا للطن. أما أدوية المكافحة، فيكفي اللتر الواحد منها لرش عشرة دونمات بتكلفة تقارب 10 دولارات، بينما تصل أجرة استئجار الأرض إلى 15 دولارًا للدونم الواحد.
وأوضح أبو ملهم: "مع متوسط إنتاجية يبلغ 400 كيلوغرام لكل دونم، فإن التكاليف بالكاد تغطي المصاريف، ونادرًا ما تبقى للفلاح أي أرباح بعد تغطية الأجور والقروض".
تأثير موجات الحر الشديدة
بالإضافة إلى الضغوط المالية، يواجه المزارعون تحديات بيئية. وأشار أبو محمد إلى أن موجات الحر الأخيرة أثرت بشكل واضح في إنتاجية القطن، قائلًا: "ارتفاع درجات الحرارة قلل من كمية وجودة المحصول، ما زاد من خسائرنا وجعل من الصعب تحقيق أي ربح حقيقي".
وأكد أبو ملهم أن هذه الموجات الحرارية المتكررة أصبحت تشكل عامل خطر على استدامة الزراعة، خاصة مع ارتفاع التكاليف وغياب الدعم الحكومي أو المؤسسي الكافي.
الضغوط الاقتصادية وتأثيرها على الفلاحين
يصف الفلاحون الوضع بأنه يضعهم في مأزق كبير، حيث يجدون أنفسهم محاصرين بين تكاليف الإنتاج المرتفعة وأسعار البيع غير الكافية لتغطية المصاريف الأساسية. وقال أبو محمد: "نحن نكاد نبيع كل شيء من دون أن يتبقى لنا شيء بعد أن ندفع أجور العمال والفواتير الأخرى، وهذا يجعل الكثيرين يفكرون في ترك زراعة القطن والبحث عن محاصيل أخرى أقل تكلفة وأكثر أمانًا".
وشدد أبو ملهم على الحاجة الملحة لتقديم دعم مباشر للفلاحين من خلال تسهيلات مالية أو تخفيض أسعار مستلزمات الإنتاج، قائلًا: "من دون تدخل لدعم المزارعين، من الصعب استمرار الزراعة على المدى الطويل، وستتأثر المنطقة بشكل كبير اقتصاديًا واجتماعيًا".
تحديات مستقبلية تواجه الفلاحين
يتضح من تصريحات المزارعين أن زراعة القطن في رأس العين تواجه تحديات مزدوجة، مالية وبيئية، تجعل من النشاط الزراعي محفوفًا بالمخاطر. فارتفاع تكاليف العمالة، وأسعار السماد والمبيدات، بالإضافة إلى موجات الحر المتكررة، تجعل الفلاحين غير قادرين على تحقيق أرباح، وتهدد استمرار زراعة القطن في المنطقة.
ويحذر الفلاحون من أن استمرار الوضع على هذا النحو سيؤدي إلى تراجع إنتاج القطن أو التخلي عن الزراعة بالكامل، ما يستدعي دعمًا عاجلًا من الجهات المعنية لضمان استدامة القطاع الزراعي المحلي.