الإثنين, 15 سبتمبر 2025 10:36 PM

من "الفوضى الخلاقة" إلى الفرص الضائعة: نظرة على مسار الأزمة السورية

من "الفوضى الخلاقة" إلى الفرص الضائعة: نظرة على مسار الأزمة السورية

في عام 2005، استخدم الأمريكيون مصطلح "الفوضى الخلاقة" على لسان وزيرة خارجيتهم، كونداليزا رايز. ولكن، بالنظر إلى ما آلت إليه الأمور في بلادنا، خلال السنوات الأخيرة، يبدو مصطلح "الفوضى الهدامة" أكثر ملاءمة، فالخراب والدمار الذي حل بأرضنا يثير الفزع.

قد يتساءل البعض: ألم تؤدِّ هذه الفوضى إلى تغيير؟ الجواب هو نعم، فالتغيير كان حتميًا بعد كل هذه الدماء والدمار وتعطيل الصناعة والتجارة والسياحة، ووصول الشعب إلى حافة الجوع. لكن السؤال الأهم هو: هل هذا التغيير نحو الأفضل أم الأسوأ؟ هنا تظهر النسبية والانقسام في الرأي، بين من يرى أننا اتجهنا نحو الأسوأ، ومن يعتقد أننا وصلنا للأفضل. والسؤال الأكثر إيلامًا: أما كان ممكنًا تحقيق التغيير نحو الأفضل بطرق سلمية، دون كل هذه الخسائر الكارثية؟

للأسف، الجواب هو لا، وهذا يعود إلى طبيعة الأنظمة الدكتاتورية التي وصفها المفكر عبد الرحمن الكواكبي بالثور الهائج في معمل الفخار. لقد توالت فرص إنقاذ سوريا أمام وريث السلطة، بشار الأسد، منذ عام 2011، فمطالب الثوار في البداية كانت محدودة، أبرزها وضع حد لسيطرة المخابرات على المجتمع السوري. وفي عام 2012، قدم المبعوث الأممي، كوفي عنان، ست نقاط للحل السلمي في سوريا، تبعها "إعلان جنيف" الذي يطالب بتشكيل هيئة حكم انتقالية تمثل مختلف مكونات الشعب السوري، وتقود البلاد إلى نظام جديد أقل استبدادًا، مع شيء من الحرية والعدالة والديمقراطية.

لكن الوريث بشار، كان سعيدًا بدعم الإيرانيين و"حزب الله" والميليشيات العراقية، بل وسُرّ أكثر بالتدخل العسكري الروسي الذي قتل وهدم ما لم يتمكن الأسد من قتله وهدمه. ومع ذلك، وافق الروس أنفسهم على قرار مجلس الأمن رقم 2254، في أواخر عام 2015، الذي يتضمن أفكار بيان جنيف نفسها. واستمر عرض مسلسلين رهيبين على الشاشة السورية: مسلسل القتل والتدمير، ومسلسل إضاعة فرص إنقاذ ما يمكن إنقاذه من سوريا.

بعد أحداث العنف الطائفي التي شهدتها سوريا في شهري آذار وتموز 2025، قُدمت للسوريين فرصتان جديدتان لإنقاذ البلاد من فصل جديد من فصول الحرب الأهلية: بيان مجلس الأمن الذي أكد ضرورة تطبيق القرار 2254، وبيان الجامعة العربية المنسجم تمامًا مع بيان مجلس الأمن. إنها فرصة جديدة لإنقاذ سوريا، فهل سنأخذ بها؟ أم سنجعلها حلقة ضمن مسلسل الفرص الضائعة؟

مشاركة المقال: