دمشق-سانا: استضاف مقر الجمعية العمومية الأرمنية في دمشق معرضاً بعنوان "عندما تتكلم الألوان" للفنان الهاوي جيراير باروساليان، الذي حوّل رحلة معاناة إلى لوحات تجريدية تنبض بالتفاؤل. نظمت لجنة السيدات في الجمعية هذا المعرض الأول للفنان على مدى ثلاثة أيام، مجسدةً رسالة صامتة عن صمود الشعب السوري أثناء وبعد سنوات الحرب التي فرضها النظام على سوريا وشعبها، والتي أثبت فيها قدرته على تجاوز الصعاب.
الفنان باروساليان: من ورشة الأحذية إلى قاعات الفن
لم يكن الرسم مجرد هواية عند الفنان باروساليان، بل لغة للتعبير عن رحلة طويلة بدأها منذ سنوات. الدعم الأكاديمي من أخته وابنته، المنتميتين إلى عالم الفن الأكاديمي، شكّل نقطة تحول في مسيرته الفنية، ما دفعه لأخذ زمام المبادرة وإقامة هذا المعرض. وقال باروساليان في تصريح لـ سانا: "الرسم كان هروباً من ضجيج الحياة اليومية في ورشة الأحذية التي أعمل بها، والتي كنت أستخدم فيها المهارات ذاتها في تصميماتي".
المعرض الأول لباروساليان: 40 لوحة تجريدية تحمل رسالة الحياة
يضم هذا المعرض الأول لباروساليان 40 لوحة أنجزها خلال عامين، مستخدماً تقنية ألوان الأكريليك التي تمنح أعماله كثافة لونية وحيوية، حيث تتداخل الألوان لتشكل حواراً بصرياً مع المشاهد. توزعت أعمال المعرض بين عدة محاور: منها الدمار الذي يولد منه التفاؤل، فإحدى اللوحات جسدت النار والرماد كرمز لنهاية مرحلة وبداية جديدة، وأخرى عكست التصحر الذي اجتاح سوريا، لكنها تحوي في تفاصيلها إشارات خفية إلى اخضرار قادم. قدم الفنان فكرة استمرارية الحياة من خلال لوحات تظهر حركة السير اليومية، أو تحمل ألواناً متدفقة كأنها نبض لا يتوقف، إلى جانب رسائل ملونة للمشاهدين، فترك لهم حرية تأويل كل لوحة، وعن ذلك قال باروساليان: "أترك للون أن يلامس روح المشاهد ويحرك ذاكرته".
سنوات الحرب: من البصيرة إلى اللوحة
لم تكن سنوات الحرب في سوريا مجرد خلفية للمعرض، بل وقود إبداعي، وعن ذلك قال الفنان باروساليان: "المخزون البصري من الدمار والوجوه التي رأيتها تحول إلى ألوان... أردت أن أظهر أن الجمال يولد من رحم المعاناة". ورغم ذلك، تحمل أغلب اللوحات نظرة تفاؤلية، كأنها إصرار على أن "الفن والثقافة لن يتوقفا ودورهما مهم جدا في تنمية الوعي" على حد تعبيره. ونصح باروساليان الجيل الجديد بضرورة "تذوق الفن ليكون لسان حال سوريا المثقفة بعد انتصار الثورة". ورأى عدد من زوار المعرض في الأعمال سرداً بصرياً لتاريخ سوريا الحديث؛ وعبرت إحدى الزائرات عن انطباعها بالقول: "الألوان هنا تذكرنا بأن الحرب لم تستطع قتل الإبداع".