الخميس, 28 أغسطس 2025 01:15 AM

من لاجئ إلى رائد أعمال: قصة نجاح سوري في ألمانيا رغم تحديات الجنسية

من لاجئ إلى رائد أعمال: قصة نجاح سوري في ألمانيا رغم تحديات الجنسية

بعد أن هرب من الحرب في سوريا عام 2015، تمكن فهد الخطيب من إعادة بناء حياته في ألمانيا. واليوم، يقود شركته الخاصة المتخصصة في مجال الحرف اليدوية في جنوب ألمانيا، إلا أن وضعه القانوني كـ "عديم الجنسية" لا يزال يشكل عائقاً أمام تقدمه.

في إحدى ورش العمل، يظهر الخطيب مرتدياً زي العمل الأبيض، مخاطباً عماله الأربعة باللغة العربية: "استراحة تدخين!". يجتمع الفريق حول طاولة صغيرة عليها ترمسات الشاي والقهوة، حيث يحصلون على استراحة قصيرة كل ساعتين. يعملون معاً منذ الصباح الباكر على إزالة السجاد وطلاء الدرابزين.

يمتلك الخطيب خبرة واسعة، حيث عمل منذ شبابه كفني بلاط وفنان موزاييك في سوريا، وقام بتأسيس شركة تضم 15 موظفاً. لكن الحرب أجبرته في صيف 2015 على الفرار مع زوجته وأطفاله الأربعة ووالدته إلى ألمانيا، ضمن موجة اللجوء الكبيرة التي شهدتها البلاد، حيث طلب نحو 1.1 مليون شخص الحماية في ذلك العام.

بعد ثلاثة أشهر قضاها في مركز الاستقبال في غيسن، استقرت عائلته في إيغيلسباخ (مقاطعة أوفنباخ). تلقت العائلة الدعم من منظمة مسيحية ساعدتهم على الاندماج، وقدمت لهم المساعدة الأولية في المعاملات وتعريفهم بأماكن الخدمات الأساسية. كما تمكنوا من بناء صداقات من خلال مقهى اللغة، والتي لا تزال قائمة حتى اليوم.

على الرغم من التحاقه بدورة لغة، أصر الخطيب بعد شهرين فقط على أن العمل هو أسرع طريق لتعلم الألمانية. بدأ بوظائف صغيرة، ثم عمل لمدة عام كامل في شركة تشغيل مؤقت. بعد هذا "العام الصعب"، اجتاز اختبار اللغة B1 واكتسب خبرة عملية في سوق العمل الألماني.

في عام 2021، أسس شركته الخاصة، متحدياً نصيحة محاسبه. واليوم، ينفذ مع فريقه مشاريع متنوعة في مجال البناء والتجديد والبستنة في جميع أنحاء جنوب ألمانيا. لكن على الرغم من نجاحه، لا يزال وضعه القانوني يمثل عائقاً كبيراً. فهو يعتبر "عديم الجنسية" بسبب أصوله الفلسطينية، مما يضطره إلى تجديد إقامته كل سنتين أو ثلاث سنوات. هذا الوضع يحرمه من الحصول على قروض مصرفية، مما يمنعه من شراء مركبات جديدة أو الاستثمار في آلات حديثة، ويضطره إلى الاعتماد على سيارات مستعملة تتعطل باستمرار.

على الرغم من التغيير السياسي الكبير في سوريا أواخر عام 2024 وسقوط نظام الأسد، لا يفكر الخطيب في العودة: "لقد بنيت حياتي من جديد ثلاث مرات، ولن أفعل ذلك مرة أخرى"، كما يقول. لكنه يعبر عن رغبته في زيارة وطنه يوماً ما.

قصة فهد ليست فريدة من نوعها. فوفقاً لدراسة حديثة أجراها معهد أبحاث سوق العمل (IAB) في أغسطس 2025، بلغت نسبة تشغيل الرجال اللاجئين الذين وصلوا إلى ألمانيا عام 2015 حوالي 76٪، وهي نسبة أعلى من معدل التوظيف بين الرجال الألمان (72٪). أما النساء اللاجئات، فما زالت نسبتهن أقل بكثير (35٪).

مشاركة المقال: