الجمعة, 21 نوفمبر 2025 03:56 AM

مهرجان روج آفا السينمائي: عودة من رماد عامودا للاحتفاء بالذاكرة والسينما الحرة

مهرجان روج آفا السينمائي: عودة من رماد عامودا للاحتفاء بالذاكرة والسينما الحرة

نالين علي ـ القامشلي

يؤكد مهرجان روج آفا للأفلام السينمائية في دورته لهذا العام على أن السينما تتجاوز كونها فناً بصرياً، لتصبح جسراً إنسانياً يربط بين الأفراد ويعزز التعاون داخل المجتمع. وفي خضم التحديات التي تواجه المنطقة، يسعى المهرجان إلى تحويل الشاشة إلى فضاء للحوار والتفاهم، حيث تتلاقى القصص والثقافات في مشهد واحد يجمع بين الذاكرة والطموح.

بعد غياب دام سنوات، يطلق كومين فيلم روج آفا اليوم الخميس مهرجان روج آفا الدولي للأفلام السينمائية، تزامناً مع الذكرى الخامسة والستين لحريق سينما عامودا عام 1960، وهي الحادثة التي لا تزال راسخة في ذاكرة سكان المنطقة كرمز يجمع بين الفن والمأساة.

أوضح محيي الدين أرسلان، الكاتب والمخرج السينمائي وعضو كومين فيلم روج آفا، في حديث لنورث برس، أن المهرجان قد انطلق مع تأسيس الكومين واستمر لعدة دورات ناجحة، إلا أن الظروف التي فرضتها الحرب على المنطقة حالت دون استمراره في بعض السنوات.

وأضاف: "نحن مصممون هذا العام على إعادة المهرجان، خاصة وأنه يتزامن مع الذكرى الـ 65 لحريق سينما عامودا، الحدث الذي لا يزال يرمز إلى ارتباط السينما بوجدان الناس في منطقتنا".

يحمل المهرجان هذا العام شعار "قصص مشتركة وسينما حرة"، وهو الشعار الذي يعكس – بحسب أرسلان – رؤية القائمين عليه في جعل السينما لغة للحوار الإنساني والتلاقي بين الثقافات والشعوب.

وأشار أرسلان إلى أن الاستعدادات للمهرجان بدأت منذ عدة أشهر، حيث استقبلت إدارة المهرجان أفلاماً من خمسين دولة حول العالم، بلغ عددها حوالي 200 فيلم، وسيتم عرض 70 فيلماً منها تتنوع بين الأفلام الطويلة والوثائقية والقصيرة، بالإضافة إلى مشاركة خاصة للأفلام الكردية والسورية.

كما أوضح أن المهرجان، الذي يستمر حتى 20 من الشهر الجاري، يسعى إلى تحقيق هدفين رئيسيين: "إحياء الثقافة السينمائية الشعبية وبناء دور عرض جديدة تعيد للسينما حضورها الاجتماعي، وإيصال صوت المنطقة إلى العالم عبر لغة الفن، على الرغم من الحصار والظروف الصعبة التي تعيشها"، مؤكداً أن السينما "لا تعرف الحدود".

من جهته، تحدث الكاتب عبد الباري أُحمي لنورث برس عن الأثر العميق الذي تركته السينما في ذاكرة الأجيال السابقة، قائلاً: "كانت السينما بالنسبة لنا ندوة ثقافية وفكرية، بل وسياسية أيضاً. كنا نشاهد الأفلام بشغف، وكل فيلم كان يترك أثراً في وعينا وينمي حسنا الجمالي والإنساني".

وأضاف أن الأفلام القديمة كانت تعكس قضايا الواقع المحلي والإقليمي، مما جعلها وسيلة فعالة للتوعية والتثقيف، واستذكر بحنين أيام السينما في عامودا: "في اليوم الواحد كانت تعرض ثلاثة أفلام: للصغار، ولليافعين، وللعائلات. كنا نحضرها جميعاً بمحبة وشغف، وكانت السينما بالنسبة للناس مكتبة مفتوحة على العالم".

وعلى الرغم من الفاجعة التي شهدتها المدينة عام 1960 عندما احترقت سينما عامودا وفقد أكثر من 200 طفل حياتهم، يؤكد أُحمي أن الشعب الكردي لم يتوقف عن حب الفن السابع، بل استمر في إقامة العروض والاحتفاء بالسينما.

واختتم حديثه قائلاً: "منذ منتصف السبعينيات وحتى التسعينيات كانت السينما والمسرح جزءاً من الحياة الاجتماعية. أما اليوم، فقد غابت صالات العرض، وأصبحت المشاهدة محصورة في الشاشات الصغيرة، لكن تبقى للسينما دائماً نكهة مختلفة، تجمع بين المتعة والثقافة والحلم".

تحرير: معاذ الحمد

مشاركة المقال: