يعيش الأخ جوهر بو مالحة أياماً استثنائية في مسيرته التطبيلية، فكلما انتهى عرس بدأ عرس آخر، وهو يمارس موهبته في التطبيل الذي يوحده مع مئات الجواهر أيضاً ممن يستخدمون أدوات مختلفة: موبايل، قلم، كاميرا، تعليقات، منشورات، لقاءات وتهريجات. لكن القاسم المشترك بينها هو الطبل.
يحمل جوهر وجواهر الطبول ويدورون بها في منصات العرس الوطني ويطبلون ليل نهار، فالطبل مهم جداً في عرس السلطة. فهو يثير الحماسة ويستخدم في التحولات الكبرى لدينا مثل وقوف سيارة على إشارة مرور أو إضاءة لمبة أو توقيع ورقة أو بداية مرحلة جديدة وعهد جديد. والطبل هو أداة التجميع، فإذا أردت أن تجمع الدبيكة والنخيخة حولك فما عليك إلا أن تبدأ بالضرب على الطبل وتطبل قدر استطاعتك ليسمعك كل بعيد.
لكن عزيزي المطبل، خذ حذرك، فإن طول فترة التطبيل يُحدِث لدى الجمهور صداعاً وتشتتاً ذهنياً. أما إذا طبلت طوال اليوم بدون فترات هدوء طويلة، يصبح تطبيلك ضجيجاً بلا معنى في علم الموسيقى الوطنية. لذلك لا تضيع جهدك بكثرته بل خصصه لنوعيته. الأثر الرمزي الحقيقي للتطبيل يأتي من اللحظة الدرامية وليس من ضجيجه المستمر، ويقال أن كثرة الصوت تمنع المشاركة الفعلية ويصبح الناس مجرد متفرجين سلبيين. ونحن عدونا السلبية، الكل لازم يكون إيجابي، كيف لكن؟
وبعد طول تطبيل يصاب المواطنون بأذى سمعي فيصبح التطبيل بلا معنى ولا أحد يستمع له وتضيع الفائدة من التطبيل، حتى العريس بضيق خلقه منك وما بعود يعطيك "بقشيش". ولكي لا نبخث الطبل حقه فإنه آلة مهمة في الجوقة الموسيقية لكن يحتاج أن يدمج مع آلات آخرى. يعني طبل شوي، زمر شوي، بيانو شوي، عود شوي، غيتار شوي، إنجازات شوي أخرى. وذلك لكي تكتمل اللوحة الفسيفسائية الموسيقية الوطنية. صحيح أن الطبل لغة موسيقية سلطوية معروفة تاريخياً ولكن الجمهور طاقته محدودة للاستماع له أيضاً، خصوصاً عندما يتخلى عن دوره كآلة موسيقية ضمن جوقة متناغمة ويتحول لمفهوم "التطبيل كسياسة عامة".
لذلك عزيزي المطبل، إنك تستخدم آلة حساسة مرهفة وإن كانت تصدر ضجيجاً موسيقياً قوياً في لحظة ما، لكنها بعد 5 دقائق تؤدي لصداع ودوخة. وتكرار نفس الخبطات على جدار الطبل ما يصنع طنيناً مستمراً حتى موعد الانتخابات القادمة (العرس الوطني الكبير المنتظر). وفي العرس السلطوي الذي تنظمه وتكثر من تنظيمه ويتجاوز أطول أعراس التاريخ فإنه ينصح بعدم وضع الطبل قرب الأطفال وكبار السن حرصاً على سلامتهم. وكذلك عدم وضعه قرب ذوي الرأي الآخر حرصاً على مشاعر غير المدعوين للعرس كما حصل مع أسعد في ضيعة ضايعة.
وبعد كل هذه التجربة من التطبيل يصبح من الضروري الاستعانة بمترجم لغة إشارة، فكثير من المواطنين فقدوا السمع من شدة التطبيل حتى لا يضيع صراخ طبلك هباءً منثوراً. وفي الختام النصيحة الأثمن: ينصح بتنويع الإيقاع من مبدأ أن الفرح لا يعني قصفاً سمعياً جماعياً.