مع تزايد عودة العمالة السورية الماهرة والأقل تكلفة إلى بلادها بعد سقوط النظام، يواجه سوق العمل التركي تحديات جديدة. فما هي الإجراءات التي تتخذها تركيا للتخفيف من هذه التأثيرات؟
في غازي عنتاب، يلاحظ حسين المرندي، عضو غرفة التجارة وصاحب شركة للأدوات المنزلية، عودة العمال السوريين، مما يخلق فراغاً في المصانع والمحلات. منذ سقوط نظام الأسد في كانون الأول/ديسمبر الماضي، عاد حوالي 200 ألف سوري من تركيا، وانخفض عدد السوريين تحت الحماية المؤقتة إلى 2.8 مليون.
المرندي يرى أن العمالة السورية تتميز بالكفاءة والمثابرة والأجور المنخفضة، مما يثير قلقاً في سوق العمل التركي. يحاول أصحاب العمل الأتراك التأقلم بتوظيف العمال الأتراك وتجنب توظيف السوريين الجدد خوفاً من مغادرتهم.
في مرسين، رصدت "سوريا على طول" محلات سورية تقوم بتصفية بضائعها للعودة إلى سوريا بعد انتهاء العام الدراسي. علي حجازي، الذي كان يعمل في تجارة المواد الغذائية في غازي عنتاب، عاد إلى حلب وأسس شركة "ورد" لتجارة الأدوات الكهربائية.
يواجه حجازي تحديات مثل ارتفاع تكاليف النقل والرسوم الجمركية وصعوبة التنسيق مع الموردين في تركيا. يتوقع أن تؤثر عودة العمالة السورية على سوق العمل التركي، حيث كان لها دور في تحريك بعض القطاعات الاقتصادية.
محمد محناية، مدير فرع مجموعة في مرسين، يرى أن نسبة العائدين قليلة وأن تأثير عودتهم محدود حتى الآن، مشيراً إلى أن أغلب العائدين هم من العائلات التي أجبرتها الظروف المعيشية الصعبة في تركيا.
حتى قبل سقوط نظام الأسد، كانت تركيا تعاني من نقص العمالة في بعض القطاعات. عودة العمالة السورية تزيد من الضغط على الاقتصاد التركي. في الصيف الماضي، تأثرت بعض القطاعات الصناعية بسبب مغادرة العمال السوريين.
وزير العمل التركي والضمان الاجتماعي، فيدات إيشيخان، يشير إلى أن البيانات الأولية لا تظهر تغييرات جدية في سوق العمل، وأنهم يراقبون الوضع. وزارة العمل تجري دراسة ميدانية لقياس أثر عودة السوريين على سوق العمل.
الخبير الاقتصادي رضوان الدبس يرى أن الحكومة التركية لم تقدم رؤية واضحة بشأن بقاء السوريين، وأنها تتجه إلى ترحيلهم. يشير إلى أن أصحاب شركات البناء والملابس يشتكون من نقص اليد العاملة.
يبلغ عدد اللاجئين السوريين العاملين في السوق التركي بشكل قانوني 109,370، فيما تقدر أعداد العاملين بطرق غير نظامية بـ 500 ألف. يشكل السوريون نحو 7% من إجمالي العاملين في قطاع المنسوجات، والسوريون والأفغان يشكلون نحو 80% من القوى العاملة في قطاع الزراعة.
تأثر سوق العقار أيضاً، حيث تراجعت أسعار الإيجارات وارتفع عدد الأبنية الشاغرة. المدارس الخاصة شعرت بالارتباك بعد انخفاض عدد الطلبة السوريين.
الباحث الاقتصادي علاء حمامي يقدر متوسط العائدين يومياً إلى سوريا بنحو 11 ألف شخص. يتوقع أن تؤدي عودة اللاجئين السوريين إلى نقص العمالة وارتفاع الأجور وتراجع نشاط بعض المحلات التجارية وتباطؤ الإنتاج.
تتضمن استراتيجية التوظيف الوطنية التركية تحديد المجالات التي تحتاج إلى عمالة أجنبية وتعزيز "الهجرة العكسية للعقول". الحكومة التركية تبحث عن بدائل للعمالة ومن المتوقع أن تستقدم عمالة من دول آسيا الوسطى وأفريقيا.
حمامي لا يستبعد أن تطلق الحكومة التركية منح أذونات عمل طويلة الأمد للسوريين المهرة وتسهل حركة تنقلهم بين تركيا وسوريا.
يأمل حسين المرندي ألا تتأخر الحكومة التركية في اتخاذ إجراءات تضمن بقاء شريحة من السوريين، بينما يرى علي حجازي ومحمد محناية أن السوريين سينجحون في استئناف عملهم في بلادهم.