وفقًا لخبراء، لم يكن تأثير الهجوم الإسرائيلي على إيران مدمرًا في هذه المرحلة. استهدف الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق على إيران اعتبارًا من يوم الجمعة برنامج طهران النووي، لكن الخبراء يرون أن تأثيره ليس مدمرًا في الوقت الحالي.
حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن الهجوم "سيستمر ما يلزم من أيام"، بينما أكد الجيش أن المعلومات الاستخبارية تشير إلى أن طهران تقترب من "نقطة اللاعودة" في البرنامج النووي.
في السياق ذاته، ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم السبت أن أربعة مبانٍ حيوية في موقع أصفهان النووي في إيران تضررت نتيجة هجوم يوم أمس، بما في ذلك منشأة لمعالجة اليورانيوم وأخرى لتصنيع صفائح الوقود النووي. وأضافت الوكالة عبر منصة إكس: "كما هو الحال في نطنز، لا يُتوقع حدوث زيادة في الإشعاع خارج الموقع".
ما هو حجم الضرر؟
قال علي واعظ، الباحث المتخصص في الملف الإيراني في مجموعة الأزمات الدولية، وهي مؤسسة بحثية أمريكية، لوكالة فرانس برس: "بإمكان إسرائيل إلحاق الضرر بالبرنامج النووي الإيراني، لكن من غير المرجح أن تتمكن من تدميره". وأكد أن إسرائيل لا تملك القنابل الثقيلة اللازمة "لتدمير منشآت نطنز وفوردو المحصنة" في عمق الجبال.
وأشارت كيلسي دافنبورت، الخبيرة في "آرمز كونترول أسوسييشن"، إلى أنه للقيام بذلك، ستحتاج إسرائيل إلى "مساعدة عسكرية أمريكية". وأضافت أنه لا يمكن القضاء على المعرفة التي اكتسبتها طهران، على الرغم من مقتل تسعة علماء نوويين في الضربات.
حاليًا، "دُمِّرَ" قسم رئيسي فوق الأرض من منشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز في وسط البلاد، بحسب ما نقلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن السلطات الإيرانية. واعتبر معهد العلوم والأمن الدولي، وهو مركز أبحاث مقره في واشنطن ومتخصص في الأسلحة النووية، أن الدمار الذي أكدته صور الأقمار الاصطناعية "جسيم".
ولفت المعهد في تقرير له إلى أن الهجمات التي تستهدف إمدادات الطاقة في المنشأة يمكن أن تلحق أضرارًا بالغة بآلاف أجهزة الطرد المركزي الموجودة، وهي الأجهزة المستخدمة لتخصيب اليورانيوم، "في حال نفدت (طاقة) البطاريات الاحتياطية". وأكد المعهد أن موقع نطنز "لن يتمكن من العمل لفترة من الوقت، على أقل تقدير".
كما استهدف الهجوم الإسرائيلي منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، وأعلنت إيران أن أضرارًا محدودة لحقت بها. واستهدف الهجوم الإسرائيلي أيضًا مصنعًا لتحويل اليورانيوم في أصفهان (وسط). ويُعتقد أن هذا المجمع يحتوي على احتياطيات كبيرة من اليورانيوم عالي التخصيب. وفي هذه المرحلة، لا يمكن معرفة ماذا حدث لهذا المخزون. وقال واعظ: "إذا نجحت إيران في نقل بعض (مخزوناتها) إلى منشآت سرية، فستكون إسرائيل قد خسرت اللعبة".
ما هي المخاطر على السكان؟
لم ترصد الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أي زيادة في مستويات الإشعاع في مختلف المواقع المتضررة. وأكدت دافنبورت أن "خطر أن تؤدي الهجمات على منشآت تخصيب اليورانيوم إلى انبعاثات إشعاعية خطيرة، ضئيل جدًا".
لكن قد يكون لأي هجوم على محطة بوشهر للطاقة النووية (جنوب) "عواقب وخيمة على الصحة والبيئة". وأكد المدير العام للوكالة الدولية رافايل غروسي يوم الجمعة أن المواقع النووية "لا يجب أن تُهاجم أبدًا، بغض النظر عن السياق أو الظروف، لأن ذلك قد يضر بالسكان والبيئة".
هل إيران قريبة حقًا من إنتاج قنبلة ذرية؟
بعد انسحاب الولايات المتحدة في العام 2018 أحاديًا من الاتفاق النووي الدولي المبرم في 2015 بين إيران والقوى الكبرى، تراجعت طهران تدريجيًا عن معظم التزاماتها الأساسية بموجبه، لا سيما من خلال تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز بكثير حد 3,67% الذي حدده الاتفاق.
وفي منتصف أيار/مايو، بلغ مخزون طهران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، 408,6 كلغ، بحسب الوكالة. وفي حال خُصب هذا المخزون بنسبة 90%، وهو المستوى المطلوب لتطوير قنبلة ذرية، فسيوفر كمية كافية لإنتاج أكثر من تسع قنابل.
وإيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تمتلك أسلحة نووية وتخصب اليورانيوم إلى هذا المستوى، وفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تشكو أيضًا من عدم تعاون طهران. وتنفي إيران تطوير أسلحة نووية.
ولفتت دافنبورت إلى أنه "حتى الآن، فاقت تكاليف التسلح فوائده. لكن هذه الحسابات قد تتغير في الأسابيع المقبلة". وأضافت "أعاقت الضربات الإسرائيلية إيران على الصعيد التقني، لكنها على الصعيد السياسي تُقرّبها من امتلاك أسلحة نووية".
ولفتت إلى وجود "خطر حقيقي بتحويل اليورانيوم المخصب" في عملية "قد تجري خلال أسابيع من دون أن يلاحظها أحد"، إذ تمنع الضربات الحالية مفتشي الوكالة الدولية من الوصول للمواقع.