الأحد, 27 أبريل 2025 09:40 PM

هل يواجه سوق العقارات في سوريا مصيرًا مشابهًا لسوق السيارات؟ خبير اقتصادي يحذر من انهيار محتمل

هل يواجه سوق العقارات في سوريا مصيرًا مشابهًا لسوق السيارات؟ خبير اقتصادي يحذر من انهيار محتمل

يسود الضبابية مشهد سوق العقارات في سورية، خاصة مع استمرار توقف معاملات نقل الملكية خلال الفترة الماضية، وذلك لحماية الملكيات ريثما تنتهي الحكومة من وضع آلية دقيقة لإثبات ملكية العقار والحفاظ على حقوق المالكين والمشترين، مما أدى إلى وجود عشوائية في التسعير.

الدكتور عبدالرحمن محمد، نائب عميد كلية الاقتصاد للشؤون الإدارية وشؤون الطلاب في جامعة حماة، استعرض في حديثه لصحيفة الوطن التطورات المحتملة في سوق العقارات السوري، متوقعاً أن تشهد تحولات جذرية مشابهة لانهيار سوق السيارات، ولكن بوتيرة وحجم أكبر بسبب طبيعة العقار كسلعة ذات قيمة أعلى وارتباطها الوثيق بالاقتصاد الكلي.

وبرر الانهيار المحتمل في هذه الفرضية بعدة نقاط رئيسة، منها عرض الوحدات العقارية من مناطق منخفضة التكلفة. فإذا دخلت وحدات سكنية أو تجارية من مناطق مثل الشمال السوري (حيث تكاليف البناء والإنتاج أقل) إلى أسواق المدن الكبرى مثل دمشق أو حلب أو حماة، قد يخفض الأسعار بشكل حاد بسبب الفارق الكبير في التكاليف.

وأشار إلى انهيار الطلب الاستثماري، معيداً ذلك إلى أن الكثير من العقارات في سورية كانت تُشترى كملاذ آمن أو لغرض المضاربة، وأي تغيير في الثقة بالسوق قد يؤدي إلى هروب المستثمرين وبيع الموجودات، مما يزيد العرض ويخفض الأسعار. إضافة إلى الوضع الاقتصادي العام من تضخم مفرط، وانخفاض في قيمة الليرة السورية، وتراجع القوة الشرائية للجمهور، ما قد يجعل العقارات غير قابلة للبيع إلا بأسعار منخفضة جداً.

ولم يغب عن بال الأستاذ الجامعي التأثيرات الإيجابية المحتملة الناجمة عن هذا السيناريو، ومنها إتاحة السكن لفئات أوسع، إذ أن انهيار الأسعار قد يمكن شرائح كبيرة من المواطنين (خاصة الشباب والأسر محدودة الدخل) من امتلاك مساكن. إضافة إلى تحفيز الاستثمار الحقيقي، حيث أن انخفاض أسعار العقارات قد يشجع على استثمارات إنتاجية في قطاعات أخرى، بدلا من تركيز رؤوس الأموال في المضاربة العقارية. ناهيك عن تقليل الفوارق الطبقية الموجودة بسبب السيطرة على سوق العقارات من قبل فئة محدودة من التجار تسبب تفاوتا كبيرا، وإن تحرير السوق قد يساهم في إعادة توزيع الثروة.

ورأى محمد أن لهذه الفرضية تأثيرات سلبية (خاصة على المتحكمين بالسوق)، إذ سوف تتسبب لهم بخسائر فادحة للمضاربين الذين جمعوا عقارات بأسعار مرتفعة، وسيواجهون انخفاضا حادا في قيمة ممتلكاتهم، وقد يضطرون إلى البيع بخسائر كبيرة، إضافة لأزمة ائتمانية في حال كان هناك قروض عقارية مرتبطة بقيم مرتفعة، وقد تتأثر المصارف أو المؤسسات المالية بموجة تخلف عن السداد.

ومن الانعكاسات السلبية برأيه تراجع قطاع البناء، إذ قد يتوقف الاستثمار في البناء الجديد بسبب انعدام الجدوى الاقتصادية، مما يؤثر على قطاعات التوظيف والمواد الإنشائية.

واقترح محمد عدداً من السياسات المطلوبة لتوجيه الأزمة، تتضمن حماية المستهلكين من الانخفاض في الأسعار لكي لا يستغله وسطاء جدد لخلق احتكارات أخرى، وضرورة تنظيم السوق عبر إدخال قوانين تمنع التلاعب أو المضاربة الوهمية، مثل فرض ضرائب على العقارات غير المأهولة، مع ضرورة تحفيز القطاع الإنتاجي وتوجيه رؤوس الأموال نحو قطاعات صناعية أو زراعية بدلا من الاقتصاد الريعي.

وفي مقاربة لما حدث في سوق السيارات، قال الأستاذ الجامعي: "كما ذكرت، سوق السيارات شهدت انهيارا عند دخول سيارات من مناطق إدلب والشمال مثل إعزاز والباب بأسعار أقل، والعقارات قد تتبع نفس المسار، لكن مع تداعيات أعمق بسبب عدم قابلية العقار للنقل بخلاف السيارات، فالعقار مرتبط بموقع جغرافي، مما يجعله عرضة لاختلافات إقليمية حادة، والارتباط العاطفي والاجتماعي، إذ أن الكثيرون يعتبرون العقار استثمارا طويل الأمد أو إرثا عائليا، لذا قد تكون ردود الأفعال أكثر حدة".

وختم محمد بالقول: "الانهيار المتوقع قد يكون فرصة تصحيح للسوق بعد سنوات من المضاربة والاحتكار، لكنه يحتاج إلى إدارة حكيمة لتجنب آثار اجتماعية خطيرة مثل انتشار المديونية أو تفاقم البطالة، كما أن التجار الكبار سيتأثرون، لكن الطبقات المتوسطة والفقيرة قد تجد فرصا لم تكن متاحة قبل الأزمة".

الوطن- محمد راكان مصطفى

مشاركة المقال: