في الذكرى الثالثة عشرة لرحيلها، نستذكر وردة الجزائرية، المطربة التي غيّبها الموت في 17 مايو 2012، تاركةً الساحة الفنية تفتقد أيقونةً فنيةً فريدة. رغم الغياب، ما زال صوتها يتردد في ذاكرة الأجيال، يزين الإذاعات والشاشات، شاهداً على مسيرة فنية استثنائية جمعت بين العذوبة والعمق والوطنية.
لم تكن وردة مجرد مطربة، بل كانت صوتاً للوطن العربي في لحظاته الحاسمة. غنت للثورة الجزائرية، لانتصارات مصر، وللقضية الفلسطينية، جامِعةً بين الفن والرسالة في زمن كانت فيه الأغنية تعبيراً عن الوجدان الجمعي.
ولدت وردة محمد فتوكي في باريس لأب جزائري وأم لبنانية، ونشأت في بيئة بعيدة عن اللغة العربية. عُرفت بجمال صوتها في سن مبكرة، وغنت في مطعم والدها تحت إشراف المطرب التونسي الصادق ثريّا. لحّن لها محمد الجموسي أغاني شهيرة مثل "يا مروّح لبلاد سلّم لي عليهم".
في عام 1959، سافرت إلى دمشق ثم بيروت، حيث تعرفت على الموسيقار محمد عبد الوهاب والمنتج حلمي رفلة، الذي قدمها في فيلمها الأول "ألمظ وعبده الحامولي" عام 1962. شاركت في أوبريت "الوطن الأكبر" بناءً على طلب الرئيس جمال عبد الناصر.
عادت إلى الجزائر بعد الاستقلال عام 1962، ثم عادت إلى الغناء في عام 1972 بطلب من الرئيس هواري بومدين، وقدمت أغنية "عدنا إليك يا جزائرنا الحبيبة". بعد طلاقها، عادت إلى مصر وتزوجت الموسيقار بليغ حمدي، الذي لحّن لها أغاني بارزة مثل "أولاد الحلال" و"يا أهل الهوى" و"الوداع".
تعاملت مع كبار الملحنين مثل محمد عبد الوهاب ورياض السنباطي وحلمي بكر. من أبرز أغانيها: "في يوم وليلة"، "أكدب عليك"، "العيون السود"، "اسمعوني"، و"بتونّس بيك". آخر عمل مصوّر لها كان أغنية "مازال واقفين"، وآخر ألبوماتها "اللي ضاع من عمري" في 2011.
إلى جانب الغناء، قامت ببطولة 6 أفلام مصرية وشاركت في ثلاثة مسلسلات تلفزيونية ومسرحية واحدة بعنوان "تمر حنّة". حصلت على العديد من الجوائز والأوسمة، منها جائزة أفضل مطربة عربية من المجمع العربي للموسيقى.
رحلت وردة الجزائرية، لكن أرشيفها الفني ظل يتجدد، وتحولت إلى رمز ثقافي وجزء من الذاكرة العربية، ولها جمهور واسع يرى فيها مدرسة فنية قائمة بذاتها.