دمشق-سانا: تضاعف هيئة التخطيط الإقليمي في وزارة الأشغال العامة والإسكان جهودها الحثيثة لمواكبة متطلبات المرحلة الراهنة وإعادة الإعمار بعد التحرير، وذلك بهدف الحد من تفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتقليل تدهور واستنزاف الموارد الذي نتج عن السياسات السابقة، بما يضمن إنجاز المشاريع التنموية بنجاح وسرعة واستدامة.
أوضحت رئيسة الهيئة، الدكتورة ريما حداد، في تصريح لوكالة سانا، أن الهيئة تعتبر المؤسسة الرئيسية المعنية بتنظيم وتطوير عملية التخطيط المكاني على مستوى الجمهورية العربية السورية، وذلك بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية، وعلى رأسها وزارات الإدارة المحلية والبيئة، والطاقة، والزراعة، وهيئة التخطيط والإحصاء، والهيئة العامة للاستشعار عن بعد، بالإضافة إلى الجامعات والمراكز البحثية الأكاديمية.
وأشارت الدكتورة حداد إلى أن الهيئة تعمل على بناء قواعد بيانات جغرافية شاملة تتضمن معلومات تفصيلية لجميع القطاعات، مثل الصناعة والتعليم العالي، بهدف توفير هذه المعلومات للجهات المعنية، وخاصة مديريات دعم القرار والتخطيط الإقليمي في المحافظات، لمساعدتها في إدارة عملية التنمية المكانية داخل المحافظة.
كما أكدت الدكتورة حداد على إنجاز وثيقة الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي 2035، والتي تمثل مرجعاً أساسياً للتنمية المكانية، وتتضمن استراتيجيات وخططاً وبرامج ومشاريع مكانية على المستوى الإقليمي، بما يضمن تحقيق تنمية متوازنة بين مختلف الأقاليم السورية، مع مراعاة المقدرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية لكل إقليم.
وأضافت أن الدراسات التخطيطية المكانية تتضمن مقترحات واستراتيجيات لتفعيل نقاط القوة في الاقتصاد السوري، بالاعتماد على الموقع الجيو-إستراتيجي والجيو-سياسي لسوريا، بالإضافة إلى تحديد نطاقات مكانية للمدن والمناطق الصناعية، بهدف خلق فرص عمل واستثمار الموارد المحلية الطبيعية والبشرية، وتشجيع الاستثمارات فيها.
وأوضحت الدكتورة حداد أن الهيئة تولي اهتماماً خاصاً بمواقع الفوالق والمخاطر الطبيعية، وتعتبرها خارطة أساس لبناء التوجهات التخطيطية المكانية، وتوجيه الانتباه إلى ضرورة الاستعداد لمواجهة مثل هذه الأزمات.
وفيما يتعلق بالصعوبات التي تواجه عمل الهيئة، أشارت الدكتورة حداد إلى أن التحدي الأكبر يكمن في تزامن تأسيس الهيئة وبدء عملها في عام 2010 مع تراجع دور التخطيط والتركيز على العمل الإغاثي والطوارئ، مما أثر على العملية التخطيطية بكل أبعادها ومستوياتها، وشكل تحدياً لمهام الهيئة، بالإضافة إلى وجود منظومة تخطيطية قائمة تحتاج إلى إعادة هيكلة لتلبية متطلبات المرحلة الحالية وأولوياتها.
ومن بين الصعوبات الأخرى التي تواجهها الهيئة، عدم وجود منصات إلكترونية آمنة، ومحدودية توفر البيانات وصعوبة تداولها، وتعدد مرجعياتها، وتفاوتها بين المحافظات، وضعف البنية التحتية الرقمية، وعدم تفعيل المراصد الحضرية، وقلة الكوادر المتخصصة، بالإضافة إلى صعوبات في الحصول على تجهيزات تقنية حديثة تخدم العمل التخطيطي المكاني.
ولتجاوز هذه الفجوة، أكدت الدكتورة حداد أن الهيئة تسعى من خلال مذكرات التفاهم والتعاون مع الهيئة العامة للاستشعار عن بعد إلى توفير الخبرات والبيانات الفضائية اللازمة للتخطيط المكاني، كما تعمل على تعزيز التعاون مع الكفاءات الشابة في الجامعات من خلال تطوير برمجيات تحليلية تساعد في عملية التخطيط، والاستفادة من طلاب كليات المعلوماتية في إعداد مشاريع التخرج ضمن مواضيع تخدم الهيئة تقنياً.
وأشارت إلى التواصل مع خبراء سوريين مغتربين، من الراغبين بالمساهمة في إعمار سوريا، والتحضير لمسودة مذكرة تفاهم حول مجالات التعاون، مع التركيز على برامج التدريب وبناء القدرات.
وأكدت الدكتورة حداد أن دور التخطيط الإقليمي يأتي كخطوة استباقية لتفادي تفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في المناطق المهمشة والضعيفة تنموياً، كما أن له دوراً في مرحلة ما بعد الأزمات والكوارث من خلال تبني استراتيجيات وخطط تضمن تعافياً سريعاً للمناطق المتأثرة، مع الحفاظ على هويتها وتعزيزها بشكل يضمن استدامة التنمية فيها واللحاق بباقي المناطق بشكل متوازن.