كشف المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، تفاصيل العملية الأمنية التي أسفرت عن القبض على أفراد خلية إرهابية تابعة لتنظيم "داعش"، والمسؤولة عن الهجوم الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بدمشق.
وأوضح المتحدث خلال مؤتمر صحفي عقده في وزارة الإعلام بدمشق، أن العملية الأمنية المشتركة بين جهاز الاستخبارات العامة ووزارة الداخلية، والتي جرت يوم أمس، أسفرت عن مداهمة أوكار لتنظيم "داعش"، وضبط مستودع للأسلحة والمتفجرات. كما تم تحييد أحد المتورطين في تفجير كنيسة مار إلياس، وإلقاء القبض على انتحاري آخر كان متوجهاً لتنفيذ عملية في مقام السيدة زينب قرب دمشق، بالإضافة إلى مصادرة دراجة نارية مفخخة كانت معدة للتفجير في أحد التجمعات المدنية بالعاصمة.
وأشار المتحدث إلى أن التحقيقات الأولية كشفت أن الخلية تتبع رسمياً لتنظيم "داعش"، وأنها لا ترتبط بأي جهة دعوية. ويتزعم الخلية شخص سوري الجنسية يدعى محمد عبد الإله الجميلي، المكنى بأبو عماد الجميلي، وهو من سكان منطقة الحجر الأسود في دمشق، وكان يعرف بوالي الصحراء لدى "داعش". وسيتم عرض اعترافاته المصورة لاحقاً بعد الانتهاء من التحقيق معه.
وأضاف المتحدث أن الانتحاريين، أحدهما نفذ تفجير الكنيسة والآخر ألقي القبض عليه قبل تنفيذ هجوم في مقام السيدة زينب، قدما إلى دمشق من مخيم الهول عبر البادية السورية، وتسللا بعد تحرير العاصمة بمساعدة أبي عماد الجميلي، مستغلين الفراغ الأمني في بداية التحرير، وهما غير سوريين.
وأكد المتحدث أن الخلية كُشِفت في وقت قياسي من خلال مقارنة معلومات المصادر الميدانية بالأدلة التقنية، مما أدى إلى تحديد هوية شخص مشتبه به قام بتوصيل الانتحاري الأول إلى الكنيسة، ثم تحديد مكانه. وعند مداهمة المكان، تبين وجود شخص آخر معه، ووقع اشتباك ناري أسفر عن تحييد سائق الدراجة النارية وإصابة الشخص الثاني، وتبين أن السائق هو نفسه من أوصل الانتحاري الأول، وكان بصدد إيصال انتحاري ثان إلى مقام السيدة زينب.
وأوضح أنه بالتحقيق مع الانتحاري الثاني، اعترف بمكان الوكر الذي انطلقت منه الخلية، وبمداهمة الوكر ألقي القبض على متزعم الخلية، الجميلي، الذي اعترف بدوره على أربعة أوكار ومستودعات أسلحة ومتفجرات أخرى للتنظيم، وتمت مداهمتها جميعاً وإلقاء القبض على عناصر آخرين، وإحباط تفجير دراجة نارية كانت معدة لاستهداف تجمعات مدنية في العاصمة.
وشدد المتحدث على أن أجهزة الأمن وإنفاذ القانون في سوريا ستظل درعاً وسيفاً في وجه أي تهديد، وأن الوزارة ستعلن عن المزيد من المعلومات حول الخلية بعد انتهاء التحقيقات. وأكد أن سوريا كانت وما تزال أرض التسامح والإخاء ومنارة الحضارة، وأن الإرهاب لن يجد فيها إلا ما يخيب شره.
وفي رده على أسئلة الصحفيين، أوضح المتحدث أن الوزارة تعمل على مسارات متعددة ومتوازية، تشمل مسارات توعوية واجتماعية وأمنية وتواصلية، مبيناً أن التنظيم الإرهابي يحاول استغلال الثغرات الموجودة لإحداث خروقات أمنية.
ولفت إلى أن الضربة القاصمة التي تلقاها تنظيم "داعش" في دمشق ومحيطها دفعته إلى محاولة الالتفاف عبر إيجاد تنظيم وهمي تحت مسمى "أنصار السنة" ليتبنى العملية نيابة عنه، مؤكداً أن متزعم الخلية الإرهابية مرتبط بقيادات "داعش" وله منصب توصيفي "والي الصحراء" واستجلب العناصر الانتحارية من مخيم الهول مستغلاً الفراغ الأمني عقب سقوط النظام البائد، كما أنه متورط بجرائم عديدة ومعروف للدوائر الأمنية خارج سوريا.
وبين أن تنظيم "داعش" تنظيم عابر للحدود وبالتالي هو لا يهدد دولة بمفردها، لذلك أنشئت في وقت سابق غرفة عمليات تجمع سوريا مع العديد من الدول المجاورة من أجل التصدي للتنظيمات الإرهابية العابرة للحدود، مشدداً على أن مواجهة تحدي هذه التنظيمات لا يكون فقط من الناحية الأمنية وإنما أيضاً من الناحية الوقائية التي تتطلب الوعي وتحسين الخدمات والحياة الاقتصادية من أجل تجفيف منابع الإرهاب.
وأشار إلى أن تنظيم "داعش" يرى في انتصار الثورة السورية ونجاحها تهديداً كبيراً لأيديولوجيته التكفيرية، لذلك يحاول استغلال الشباب المضللين وخاصة الذين عاشوا ظروفاً صعبة في مخيم الهول ليجندهم بدافع ثأري أو انتقامي وليس فقط من دافع أيديولوجي، لذلك تبذل الدولة السورية أقصى جهدها للتصدي لأي خرق أمني.
وأوضح أن هناك لجنة تشكل الآن من أجل الاستفادة من خبرات الضباط المنشقين في مجال الأمن الداخلي، حيث يوجد حالياً بين 500 و600 ضابط أمن داخلي يمكن الاستفادة منهم، وسيتم تفعيلهم عبر الوزارة، مبيناً أن هذا الرقم خاص بضباط الأمن الداخلي ولا يشمل صف الضباط أو العناصر.