في تحول لافت بعد سقوط النظام السابق، ظهر وزير الأوقاف السوري الأسبق محمد عبد الستار السيد في مقطع مصوّر يدعو فيه إلى "مرحلة جديدة من التسامح والسلم الأهلي"، داعيًا رجال الدين والمؤسسات الدينية إلى التعاون مع الدولة السورية في مرحلتها الانتقالية. السيد، الذي عُرف سابقًا بخطاباته المساندة للسلطة خلال سنوات الأزمة، كان قد استغل منصبه الوزاري منذ عام 2007 لترسيخ الرواية الرسمية للنظام السابق، مكرسًا المنابر الدينية لتبرير السياسات الأمنية والعسكرية.
منابر دعوية في خدمة السياسة
لطالما ربط السيد بين الدين والسياسة، واعتبر وزارته "رديفًا للجيش" في أكثر من مناسبة. وكانت خطبه مثالًا على تسخير الخطاب الديني لخدمة مشروع النظام، حتى أنه شبّه رأس النظام السابق بالخلفاء الراشدين في خطب علنية مثيرة للجدل.
هيمنة على المؤسسة الدينية وتوسيع النفوذ
تمكن السيد خلال سنوات وجوده في الوزارة من توسيع صلاحياته بإلغاء منصب المفتي العام وتولي صلاحياته ضمن "المجلس العلمي الفقهي"، كما شُهد له صراع معلن مع المفتي السابق أحمد حسون، انتهى بإقصاء الأخير بعد جدل ديني واسع.
علاقة وثيقة بطهران وتسهيل التغلغل المذهبي
ساهم السيد في تعزيز التعاون مع مؤسسات دينية إيرانية، وأطلق مشاريع تعليمية مشتركة، ما أثار انتقادات واسعة داخل الأوساط الدينية في سوريا، خاصةً مع تزايد الاتهامات له بتمكين نفوذ غير سوري في الشؤون الدينية الرسمية.
وراثة دينية في الطريق؟
بحسب تقارير، سعى الوزير السابق إلى تمهيد الطريق لابنه عبد الله ليتولى مناصب حساسة داخل الوزارة، أبرزها إدارة أوقاف طرطوس، وعضويته في لجنة مناقشة الدستور. لكن انهيار النظام السابق قطع الطريق أمام هذا المشروع العائلي.
خطاب مزدوج وزيارات خارجية
رغم تمسّكه بخطاب موجه داخليًا، شارك السيد في زيارات رسمية إلى عدد من العواصم، أبرزها طهران وموسكو والقاهرة، في محاولات لإظهار دور وزارة الأوقاف كمؤسسة معتدلة ومحاربة للتطرف، رغم استخدامها سابقًا كأداة دعائية للنظام.
خاتمة
ظهور الوزير السابق بخطاب تسامح بعد عقود من التبرير العلني للسلطة، يعكس مرحلة جديدة من التحوّلات في سوريا، قد تحمل في طيّاتها مراجعات مؤسساتية وشخصية، لكنها تثير تساؤلات جدّية عن حدود التغيير ومصداقيته.