الثلاثاء, 8 يوليو 2025 08:52 AM

قانون الفروغ: نظرة على جذور العرف التجاري وحلول النزاعات المحتملة

قانون الفروغ: نظرة على جذور العرف التجاري وحلول النزاعات المحتملة

دمشق – د. محمد الجبالي

منذ سنوات طويلة، ترسخ عرف تجاري واقتصادي واجتماعي عادل يُعرف بـ "الفروغ". يقوم هذا العرف على انتقال حق الانتفاع بالمحل التجاري من المالك إلى المستأجر مقابل مبلغ مقطوع، غالبًا ما يعادل قيمة المحل نفسه. وفي المقابل، تصبح الأجرة السنوية رمزية، لأن المالك استوفى كامل القيمة مقدمًا.

إن الفروغ ليس ابتكارًا، بل هو عرف عالمي معمول به في معظم دول العالم. هو اتفاق رضائي بين طرفين عاقلين، كلاهما على دراية بما يوقّع عليه. فالمالك لا يسلم محله إلا بعد قبض الثمن كاملًا، والشريعة لا تنكر هذا النوع من العقود طالما التراضي قائمًا ولا يوجد غبن.

ولكن اليوم، وبعد مرور عقود، ينكر بعض الورثة هذا الحق، متجاهلين الحقيقة القانونية والتاريخية، مدعين أن المستأجر مجرد "مستأجر"! بينما الواقع يشير إلى أن المالك الأول باع حق الانتفاع مقابل الفروغ واستوفى الثمن، بل ووقع بإرادته على شروط الأجرة الرمزية، ولم يطلع الورثة – الذين لم يكونوا قد ولدوا بعد – على هذه التفاصيل.

لقد دُفعت عبر عقود ماضية مئات الأطنان من الذهب مقابل فروغ هذه المحلات، واستقرت المراكز القانونية والاجتماعية والتجارية على ذلك. فكيف يُعاد فتح هذا الملف اليوم وكأن شيئًا لم يكن؟!

الحل العادل هو التراضي:

نحو مخرج شرعي وقانوني وإنساني يقوم على التراضي والتفاهم، هناك حلّان متبعان في العالم يمكن تكييفهما بحسب كل حالة:

  • إما أن يدفع الشاغل 15٪ من القيمة الرائجة ويُنقل له الملك تمليكًا.
  • أو يدفع الورثة 85٪ من القيمة الرائجة للشاغل ويُعاد له المحل دون ضرر أو غبن.

هذا الحل العرفي العادل ينهي النزاع، ويراعي الحق والواقع والإنصاف، ويضمن انتقال الملكيات بشكل قانوني وإنساني.

الإنكار لا يسقط الحقوق، والشريعة لا تقبل أكل أموال الناس بالباطل، والعدل أساس الملك. وما بُني على تراضٍ وقُبضت أثمانه لا يعادله الادعاء بعد عقود.

إن الاعتراف بقانون الفروغ هو احترام للتاريخ وللشريعة وللقانون وللناس... وهو بداية لحل عادل ومرن لا غالب فيه ولا مغبون.

مشاركة المقال: