الأحد, 13 يوليو 2025 08:20 PM

ملفات عالقة تعيق الحوار السوري اللبناني: اللاجئون والحدود في صدارة الأولويات

ملفات عالقة تعيق الحوار السوري اللبناني: اللاجئون والحدود في صدارة الأولويات

عنب بلدي – أمير حقوق: تشهد العلاقات السياسية السورية مع الدول مرحلة حساسة، خاصة في ظل التحولات السياسية والأمنية المتسارعة. وتعتبر العلاقات اللبنانية جزءًا مهمًا من سياسة سوريا الجديدة، بعد التوترات التي شهدتها في عهد النظام السابق.

أفاد نائب رئيس الحكومة اللبنانية، طارق متري، بأن الحكومة اللبنانية تنتظر زيارة وفد سوري برئاسة وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، لمناقشة قضايا مشتركة، وعلى رأسها ملفا اللاجئين وضبط الحدود. وأشار متري في 15 حزيران الماضي، إلى أن الزيارة قد تمثل نقلة نوعية في تنسيق الملفات العالقة، بما في ذلك عودة اللاجئين السوريين من لبنان إلى سوريا، وضبط وترسيم الحدود المشتركة.

أسباب التأخير

بعد مرور شهر تقريبًا على إعلان الحكومة اللبنانية، لم تتم زيارة الوزير الشيباني، مما دفع الأوساط السياسية إلى تحليل أسباب التأجيل وتأثيراته السياسية على البلدين، خاصة وأنها تعتبر خطوة ضمن مسار إقليمي أوسع تسعى فيه سوريا للانفتاح على جيرانها بعد سنوات من العزلة السياسية.

أوضح الباحث في العلاقات الدولية، محمود علوش، لعنب بلدي، أنه لم يتم حتى الآن تهيئة بيئة حوار مناسبة بين سوريا ولبنان، وقد يكون هذا أحد الأسباب الرئيسية لتأخير الزيارة، مشيرًا إلى أن السعودية تلعب دورًا في تأسيس هذه البيئة. وتوقع أنه بمجرد توفر بيئة مناسبة، سيزداد التفاعل بين البلدين، وستشهدان زيارات على مستويات رفيعة.

من جانبه، يرى الباحث السياسي والصحفي، فراس علاوي، أن الزيارة تأخرت لأسباب لوجستية تتعلق بالعلاقات بين البلدين، وأيضًا بطبيعة الملفات التي لم يتم التوافق عليها بعد. وأشار في حديثه لعنب بلدي، إلى أنه لضمان نجاح الزيارة، يجب التوافق على بعض الملفات، مثل ملفات الحدود والمعتقلين السوريين في لبنان، مع وجود ضغوط من "حزب الله" لعدم تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية الجديدة.

في 11 تموز الحالي، أعلنت وزارة الإعلام السورية أنه لا صحة لما يتم تداوله عن نية الحكومة السورية اتخاذ إجراءات تصعيدية تجاه لبنان، مؤكدة على أولوية ملف المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية وضرورة معالجته عبر القنوات الرسمية بين البلدين في أسرع وقت.

الأولوية لترسيم الحدود والمعتقلين

تنتظر زيارة الوزير الشيباني إلى لبنان ملفات عديدة وشائكة، في محاولة لحل القضايا العالقة وإعادة رسم خريطة علاقات جديدة بين البلدين.

يرى الباحث محمود علوش أن أهم القضايا الملحة بالنسبة لسوريا ولبنان، والتي ستكون على رأس قائمة الأولويات في زيارة الشيباني، هي أمن الحدود وترسيمها، وملف اللاجئين السوريين في لبنان، وملف الودائع السورية في البنوك اللبنانية. واعتبر علوش أن هذه الملفات معقدة، وهي تركة عقود من العلاقات غير المتوازنة بين البلدين خلال حقبة النظام السابق، مؤكدًا أن تهيئة بيئة جيدة للحوار بين البلدين ستساعد في معالجة هذه الملفات على المدى البعيد.

ويضيف أن المصالح المتبادلة تقوم بشكل أساسي على استقرار البلدين، لأن أمن واستقرار سوريا من أمن واستقرار لبنان، والعكس صحيح، وأن مصلحة البلدين تكمن في تعزيز الاستقرار السياسي فيهما، بالإضافة إلى أن التحول السياسي في سوريا والمشهد الجديد في لبنان يشكلان حافزًا لعلاقات جيدة تنطلق على أساس الاحترام المتبادل والتعاون في المجالات المشتركة.

يتفق معه الباحث السياسي فراس علاوي، مؤكدًا أن الملفات الأساسية التي ستناقش هي ترسيم الحدود، وتطبيع العلاقات بين البلدين، وقضية اللاجئين السوريين، وتهريب المخدرات، وملف المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية، والملف الأمني وملف المعابر بينهما، بالإضافة إلى ملفات اقتصادية كأموال السوريين في بنوك لبنان.

أوضح وزير الخارجية اللبناني، يوسف رجي، في 1 تموز، أن عملية ترسيم الحدود بين سوريا ولبنان معقدة وتتطلب وقتًا، ولا بد من لجنة فنية مشتركة سورية لبنانية للتعامل مع هذا الملف. وأكد خلال مقابلته مع قناة "سكاي نيوز عربية" أن الوثائق والخرائط الفرنسية التي تعود لأكثر من 100 عام، والتي سلمتها فرنسا لسوريا ولبنان في أيار الماضي، هي وثائق سرية تتضمن تحديدًا فرنسيًا للحدود بين لبنان وسوريا، وأن النظر إلى هذه الخرائط يحتاج إلى متخصصين، وهو موضوع فني.

أفادت وزيرة الشؤون الاجتماعية اللبنانية، حنين السيد، في مقابلة مع وكالة "رويترز" في 9 تموز الحالي، أن حوالي 11 ألف سوري سجلوا أسماءهم للعودة من لبنان إلى سوريا في الأسبوع المقبل، وأن خطة الحكومة اللبنانية تستهدف عودة ما بين 200 و400 ألف شخص هذا العام.

مسار تطبيع البلدين مع إسرائيل

أعلن المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توماس براك، في 7 تموز الحالي، أن الحوار بين سوريا وإسرائيل قد بدأ، مضيفًا أن الحكومة السورية الجديدة التي تولت السلطة العام الماضي بعد سقوط "حليف إيران" بشار الأسد، تفتح الآن حوارًا مع إسرائيل. واعتبر سياسيون لبنانيون أن تطبيع العلاقات بين سوريا وإسرائيل سينعكس بشكل كبير على لبنان، وسيأخذه لنفس المسار في التطبيع.

يرى الباحث السياسي في العلاقات الدولية، محمود علوش، أنه من المبكر الحديث عن تطبيع سوريا ولبنان مع إسرائيل، لعدة اعتبارات، أولها أن الوضع في لبنان، وإن بدا متأثرًا بالوضع السوري بحكم الواقع الجيوسياسي، إلا أنه مختلف، لأن لكل بلد خصوصية تتعلق بعلاقته مع إسرائيل. وأشار إلى أن المفاوضات السورية الإسرائيلية ترتكز على التوصل إلى اتفاقية لفض الاشتباك، وإذا نجح هذا الترتيب الأمني، فسيمهد البيئة المناسبة للحوار بين البلدين، وبالتالي ستتطور بيئة الحوار بين سوريا ولبنان. وإذا اتجهت سوريا نحو التطبيع، فبالتأكيد لن يبقى لبنان بمعزل عنه، لكن الظروف في لبنان تختلف جوهريًا عن ظروف سوريا، ولا سيما على مستوى السياقات الداخلية. وأكد أن المسار الجديد في العلاقات السورية الإسرائيلية سيكون له تداعيات كبيرة على لبنان.

اعتبر الباحث السياسي فراس علاوي أن تطبيع العلاقات بين سوريا وإسرائيل بعيد وليس في الوقت الحالي، ولكن ربما هناك توسيع لاتفاقات التهدئة كاتفاق فصل القوات. ورجح أن تبريد ملفات المنطقة جزء من الاستقرار، الذي بدوره يعد جزءًا من عملية التعاون بين سوريا ولبنان، وأن أي تعاون بينهما سيقرب العلاقات، وهذا ما يؤمل من زيارة الوزير الشيباني.

طرابلس مجرد "إشاعة"

نشرت وسائل إعلام إسرائيلية أن سوريا اشترطت على إسرائيل منحها مدينة طرابلس اللبنانية مقابل موافقتها على اتفاقية "أبراهام"، وهو ما نفاه المبعوث الأمريكي إلى سوريا. ويرى الباحث محمود علوش أن هذه الإشاعة لا يمكن أخذها على محمل الجد، وأن إسرائيل تصعد من خلال وسائل إعلامها محاولة تسميم البيئة الجديدة بين سوريا ولبنان لتحقيق مصالحها السياسية.

أما الباحث فراس علاوي فيرى أن الهدف من إشاعة مدينة طرابلس هو توتير العلاقات السورية اللبنانية وزعزعتها. وقد شهدت العلاقات السورية اللبنانية حالة من التوتر وعدم التوازن خلال مرحلة النظام السابق، خاصة مع تدخل قوات "حزب الله" اللبناني مع نظام الأسد في المعارك خلال الثورة السورية، مما أدى إلى عدة نزاعات بين الطرفين، أهمها زيادة أعداد اللاجئين السوريين في لبنان، وعدم ضبط الحدود، وتهريب المخدرات السورية عبر الحدود اللبنانية.

مشاركة المقال: