الأحد, 20 يوليو 2025 04:49 AM

لماذا نشعر بأن الحياة تعاكسنا: نظرة في أسباب هذا الشعور وكيفية التعامل معه

لماذا نشعر بأن الحياة تعاكسنا: نظرة في أسباب هذا الشعور وكيفية التعامل معه

د.عبد الكريم بكار: تستيقظ صباحًا، تتثاءب، وتنهض بصعوبة من فراشك. تتفقد هاتفك، فلا تجد رسائل مُبهجة ولا أخبارًا سارة. تخرج إلى العمل فتواجه ازدحامًا وضجيجًا ووجوهًا مُتعبة. عندها تسأل نفسك: "ما الذي يحدث؟ لماذا تبدو الحياة وكأنها تتآمر ضدي شخصيًا؟"

اطمئن، هذه المشاعر شائعة وليست حكرًا عليك. يمكن القول إن معظم الناس يشعرون في مرحلة ما بأن الحياة تضعهم في موضع الخصومة.

ولكن، هل الحياة حقًا تسير ضدنا؟ أم أن نظرتنا للأمور تتضمن بعض التحريف البصري أو التحيز النفسي؟ دعونا نتعمق في الأمر ببساطة.

الحياة ليست كائنًا واعيًا يهدف إلى إزعاجك. لا توجد مؤامرة كونية ولا برنامج يومي لتعكير مزاجك. الحياة هي مزيج من الظروف والاختبارات والنتائج وسلوكيات الآخرين وردود أفعالك أنت.

العقل البشري يميل إلى البحث عن "سبب" أو "شخصية شريرة" لتحميلها المسؤولية. لذلك، من الطبيعي أن تقول: "الدنيا ضدي" بدلًا من أن تقول: "ربما أنا أُدير حياتي بشكل فوضوي".

التوقعات المرتفعة تؤدي إلى صدمة مستمرة. تخيل شخصًا يدخل مطعمًا شعبيًا ويتوقع وجبة فاخرة! إذا حصل على طبق مقبول، سيشعر بخيبة أمل، مع أنه حصل على ما يتناسب مع طبيعة المكان.

نحن نعيش في عالم مليء بالفوضى، لكننا نطالب بالراحة التامة والتقدير الكامل والتوفيق السريع. فإذا لم نحصل على ذلك، نعلن الحرب على الحياة!

المقارنات هي السم الذي نتجرعه يوميًا. لم يكن أحد يشعر بأن الحياة ضده قبل أن يرى حياة الآخرين. اليوم، عبر وسائل التواصل، نرى "المختارات الفاخرة" من يوميات الناس: ضحكة هنا، نجاح هناك، قصة حب، سيارة جديدة، سفر، هدايا وابتسامات مُعدلة بالفلاتر. فتبدأ بالمقارنة، ثم تُحبط، وترى حياتك سوداء، وتقول: "واضح أني منحوس!" ولكن الحقيقة هي أنك ترى المشهد، لا القصة، الصورة، لا الخلفية.

إذًا، ما الحل؟ كيف نهدئ هذه المشاعر؟

  1. غيّر اللغة التي تخاطب بها نفسك: لا تقل: "أنا فاشل"، بل قل: "مررت بيوم سيئ". ولا تقل: "الناس ضدي"، بل قل: "ربما لم أشرح موقفي جيدًا".
  2. قلل من التوقعات وارفع من الجهد: لا تطلب من الحياة أن تكون عادلة دائمًا، بل كن أنت أكثر مرونة وفهمًا.
  3. اختر مرجعيتك بعناية: لا تجعل السوشال ميديا هي ميزانك الوحيد. استمع لأهل العلم، للقرآن، للسير، للتجارب العميقة.
  4. ذكّر نفسك: حتى الأنبياء عانوا. سيدنا يوسف اُتهم وزُجّ به في السجن، سيدنا أيوب ابتُلي في جسده، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، شُتم وطُرد وحورب… فكيف بنا نحن؟

الختام بسيط جدًا: ربما الحياة لا تسير ضدك، بل تسير كما هي، وأنت فقط تحتاج إلى تغيير زاوية النظر. أو كما قيل: "ليست الأشياء هي التي تُزعجنا، بل نظرتنا إليها". (اخبار سوريا الوطن ١-صفحة الكاتب)

مشاركة المقال: