تعتبر الأسماك من الأطعمة المفيدة جداً، خاصة للأطفال في طور النمو. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لإنعاش قطاع الثروة السمكية في سوريا، لا يزال السمك بعيداً عن متناول العديد من المواطنين بسبب الأزمة الاقتصادية. ففي حين توصي المنظمات الصحية بتناول الأسماك مرتين أسبوعياً لفوائدها في تقوية المناعة وتعزيز وظائف الدماغ بفضل الأوميغا 3، فإن حصة الفرد السوري السنوية تقل عن كيلوغرام واحد، مقارنة بمتوسط عالمي يتجاوز 20 كيلوغراماً، وسط وعود رسمية بتحقيق الاكتفاء الذاتي تدريجياً.
يعتمد الكثير من سكان الساحل على صيد وتربية الأسماك كمصدر رزق رئيسي، إلا أن هذا القطاع تضرر بشدة نتيجة الإهمال والفساد وسوء الإدارة في الماضي، بالإضافة إلى التغيرات المناخية والجفاف والتلوث، مما أدى إلى تراجع الإنتاج. وتسعى المؤسسة العامة للأسماك في سوريا حالياً لتنشيط هذا القطاع من خلال خطة لإنتاج الأصبعيات وتوسيع مشروعات الاستزراع السمكي وتأهيل المنشآت المعطلة.
أوضح الدكتور هيثم ديب، مدير الحماية والاستثمار في المؤسسة العامة للأسماك في سوريا، أنه تم العمل على تأهيل مفرخات مزارع مصب السن، عين الطاقة، وعين الزرقا في إدلب، وبدأت عمليات التفريخ الصناعي والطبيعي لأسماك الكارب العام في مزرعة مصب السن وعين الطاقة، والسلور في عين الزرقا. وأكد أن هذا سيساهم في زيادة إنتاج الأصبعيات والأسماك التسويقية، مما سينعكس إيجاباً على الأسعار. وأشار إلى أن إجمالي إنتاج سوريا من الأسماك بلغ عام 2024 نحو 19185 طناً من مصادر مختلفة.
وتسعى المؤسسة لزيادة الإنتاج عبر التوسع في إنتاج أصبعيات أسماك المياه العذبة، واستزراع السدود والمسطحات المائية، وتشجيع القطاع الخاص، وزيادة المساحات المخصصة للمزارع السمكية الشاطئية، والاستزراع المكثف في الأقفاص العائمة، ومتابعة تأهيل المنشآت والمزارع التابعة للهيئة، وتأمين الأعلاف، ومعالجة تلوث الأنهار والبحيرات، وتأمين الآليات، ودعم الصيادين وتسهيل ترخيص قوارب الصيد الدولية، وتشجيع الصيد في المياه الدولية.
ورغم هذه الخطط، لا تزال الأسماك بعيدة عن القدرة الشرائية لمعظم السوريين. وأشار أبو رامي، وهو موظف وأب لثلاثة أطفال، إلى أن سعر الكيلو الواحد من البلميدا يبلغ 30 ألف ليرة، وهو مبلغ لا يستطيع تحمله. وأكدت أم مروان أن السمك أصبح للأغنياء، على الرغم من أهميته الغذائية للأطفال، وأنها بالكاد تستطيع توفير الخبز والخضار.
يؤكد الأطباء وخبراء التغذية على أهمية الأسماك في غذاء الطفل لتنمية الدماغ والقدرة على التركيز، وتقوية العظام والمناعة، واحتوائها على البروتين عالي الجودة واليود والأحماض الدهنية. ومع ذلك، فإن غيابها عن مائدة السوريين يعود إلى ضعف الإنتاج وتدهور القدرة الشرائية وغياب الدعم.
أشار الدكتور ديب إلى أن الوصول إلى استهلاك مماثل للدول المتقدمة يحتاج إلى وقت وجهد وتعافي تدريجي، خاصة بعد الأضرار التي لحقت بالقطاع، لكنه أكد أن المؤسسة تسير بخطى ثابتة وأن الخطط الموضوعة ستؤتي ثمارها تدريجياً.
الأسماك ضرورة غذائية يجب أن تكون في متناول كل أسرة سورية. ويبقى السؤال: متى يستطيع المواطن السوري شراء السمك دون أن ينتظر راتب الشهر القادم؟