الأربعاء, 23 يوليو 2025 05:44 AM

السويداء تحت وطأة أزمة إنسانية متفاقمة: انهيار الخدمات ونزوح جماعي

السويداء تحت وطأة أزمة إنسانية متفاقمة: انهيار الخدمات ونزوح جماعي

أصدرت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" تقريرًا اليوم الثلاثاء، الموافق 22 تموز، يسلط الضوء على الوضع الإنساني والخدمي المتدهور في محافظة السويداء منذ 13 تموز الحالي. وأشار التقرير إلى أن تصاعد التوترات الأمنية وأعمال العنف المسلح أدى إلى اضطراب شامل أثر على جميع جوانب الحياة المدنية.

وذكرت الشبكة أن هذه التوترات تسببت في نزوح جماعي قسري لعشرات الآلاف من المدنيين، وانهيار شبه كامل للبنية التحتية الأساسية، خاصة في قطاعات الصحة والغذاء والمياه، مما فاقم معاناة الفئات الأكثر ضعفًا، مثل النساء والأطفال وكبار السن والمرضى. وقدّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) عدد النازحين بما لا يقل عن 93 ألف شخص فروا من مدينة السويداء وقراها، خاصة في الريفين الشمالي والغربي، إلى مناطق أكثر استقرارًا في ريف محافظة درعا الشرقي والمناطق القريبة من الحدود السورية-الأردنية.

وأكدت "الشبكة" أن النازحين يعيشون ظروفًا إنسانية قاسية للغاية، ويفتقرون إلى أبسط مقومات الحماية والرعاية، وسط حاجة ماسة إلى تدخل إنساني عاجل واستجابة منسقة. وكانت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل قد نشرت، الاثنين 21 تموز، إحصائية توضح أن عدد العوائل التي تم إجلاؤها من السويداء إلى مناطق درعا بلغ 2068 عائلة. وأوضح المكتب الإعلامي للوزارة أن هذه الإحصائية تشمل العوائل التي تم إجلاؤها منذ الأحد 20 تموز وحتى الاثنين، ولا تشمل الأهالي الذين استقبلتهم عائلاتهم في درعا.

تعطل الخدمات الأساسية

أفادت "الشبكة الحقوقية" بحدوث انهيار في منظومة الخدمات الأساسية في السويداء، مما أدى إلى انتهاك حقوق السكان في الحصول على الغذاء والماء والرعاية الصحية، وخلف آثارًا إنسانية وخيمة. وتشهد المحافظة انقطاعًا شبه كامل في شبكات الكهرباء والمياه والاتصالات منذ أكثر من ستة أيام متواصلة، بالإضافة إلى ضعف شديد في خدمة الإنترنت، مما أدى إلى عزلة معلوماتية حرمت السكان من التواصل وطلب المساعدة. كما توقفت معظم الأفران والمحال التجارية عن العمل، مما أجبر الأهالي على الاعتماد على مؤونات منزلية محدودة، في ظل غياب بدائل لتأمين الغذاء. ووثقت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" نقصًا حادًا في المواد الغذائية ومياه الشرب، إلى جانب تسجيل حوادث نهب وتخريب استهدفت متاجر وأسواقًا رئيسة، مما زاد من هشاشة الأمن الغذائي للسكان.

وقال زيد الأمير، أحد سكان مدينة السويداء، إن المدينة تعاني من انقطاع التيار الكهربائي منذ أكثر من 6 أيام، إضافة إلى انقطاع مياه الشرب، مما يجبر الأهالي على التقنين في استخدام المياه المتوفرة في خزاناتهم، واصفًا الوضع بـ"المأساوي". وأفاد مراسل عنب بلدي في السويداء، في 18 تموز، أن الوضع الإنساني في المدينة متأزم، وهناك انعدام شبه تام في خدمات الكهرباء والمياه، وأن الحصص الغذائية المتوفرة على وشك النفاد، مشيرًا إلى وجود تكاتف من الأهالي لتأمين المواد الغذائية.

المستشفى "الوطني" خارج الخدمة

أشار تقرير "الشبكة" إلى خروج المستشفى "الوطني" في مدينة السويداء عن الخدمة بشكل كامل، بسبب انقطاع الكهرباء ونفاد الأدوية والمستلزمات الطبية، مما أدى إلى توقف جلسات غسل الكلى وعدم تقديم العلاج للحالات المزمنة والطارئة. ووثقت "الشبكة الحقوقية" وجود جثامين متحللة داخل المستشفى، نتيجة تعطّل وحدات التبريد وغياب وسائل النقل اللازمة. ويعمل مستشفى صلخد حاليًا بطاقته الدنيا، وسط تهديد فعلي بالتوقف عن تقديم الخدمات، في ظل نقص الكوادر الطبية والمستلزمات، ما ينذر بانهيار شامل للرعاية الصحية على مستوى المحافظة.

وأكدت "الشبكة الحقوقية" أن آلاف المدنيين يعيشون أوضاعًا كارثية، خاصة النساء والأطفال وكبار السن والمرضى، وسط غياب شبه تام للاستجابة الإنسانية، معتبرة أن هذه الأوضاع تمثل انتهاكًا صارخًا للحق في الصحة والكرامة الإنسانية. كما وردت إفادات عن وجود جثث لمدنيين في الشوارع لم تُنتشل أو تُدفن، ما يشكل تهديدًا للسلامة العامة وانتهاكًا للحق في الحياة والكرامة بعد الوفاة. وقال مدير صحة السويداء، أسامة قندلفت، إن المستشفى "الوطني" في السويداء تعرض لخمس قذائف ورشقات بالرصاص، أدت إلى خروج قسم الإسعاف عن الخدمة وسط وضع طبي "كارثي" ونقص في الكوادر والمستلزمات الطبية لعلاج الجرحى. وأضاف أن القذائف أدت إلى ضرب خزانات المياه مما تسبب بإغراق قسم الإسعاف بالمياه، وبالتالي تحويل الجرحى إلى بهو المستشفى، وأن الكوادر الطبية تعاني من نقص في إمدادات الطعام والمستلزمات الطبية بسبب صعوبة الوصول وانقطاع الطريق المؤدي للمستشفى.

تعثر المساعدات

تعثر وصول عدد من القوافل الطبية والإغاثية من قبل وزارات الصحة والشؤون الاجتماعية والطوارئ والهلال الأحمر السوري، نتيجة الأوضاع الأمنية غير المستقرة واستهداف بعض القوافل أو تقييد حركتها، لا سيما مع استمرار الاشتباكات المسلحة في بعض المناطق، إضافة إلى تنفيذ غارات جوية من قبل الجيش الإسرائيلي على محيط المدينة، ما تسبب في تعطيل أو تأجيل عمليات الإغاثة، بحسب تقرير "الشبكة". وأشارت "الشبكة" إلى أن قرار حكمت الهجري، القاضي برفض دخول الوفد الحكومي المرافق للقوافل الإنسانية، أسهم في عرقلة أو تأخير إيصال جزء كبير من المساعدات الجاهزة، والتي تتضمن مستلزمات طبية وإسعافية حيوية. ووثقت الشبكة الحقوقية تعرض فرق الهلال الأحمر العربي السوري لعدة انتهاكات في أثناء تنفيذ مهامها الإغاثية، من بينها إطلاق نار على سيارة إسعاف، واحتراق أحد المستودعات الإغاثية، إضافة إلى اعتداءات استهدفت متطوعين، وعمليات خطف طالت رئيس مركز منظمة الدفاع المدني السوري بالسويداء. وطالبت أبرشية بصرى وحوران وجبل العرب والجولان للروم الأرثوذكس، بفتح معابر إنسانية لمحافظة السويداء، مشيرة إلى أن المحافظة التي تضم أكثر من 300 ألف عائلة تعاني من حالة "اختناق"، فلا يوجد ماء وكهرباء، ولا دواء وغذاء.

مشاركة المقال: