الأحد, 27 يوليو 2025 12:15 PM

مصر تلغي معاملة السياح العرب كمواطنين في المواقع الأثرية: ما الأسباب والتداعيات؟

مصر تلغي معاملة السياح العرب كمواطنين في المواقع الأثرية: ما الأسباب والتداعيات؟

في خطوة مفاجئة، قرر المجلس الأعلى للآثار في مصر تغيير سياسة تسعير دخول المواقع الأثرية والمتاحف، منهيًا بذلك قرارًا استمر العمل به لأكثر من عشرين عامًا، كان يمنح السائح العربي معاملة المواطن المصري من حيث رسوم الدخول. اعتبارًا من يناير/كانون الثاني 2026، سيتم تصنيف الزوار إلى فئتين فقط: "مصريون" و"أجانب"، دون أي استثناءات.

هذا القرار، الذي وصفته السلطات بأنه يهدف إلى "تعزيز الاستدامة المالية للقطاع الأثري"، أثار جدلاً واسعًا بين مؤيد ومعارض، خوفًا من تأثيره على العلاقة بين الزائر العربي ومصر.

إعادة النظر في معاملة السائح العربي

جاء هذا الإلغاء لما أقره اجتماع مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار في سبتمبر 2002، والذي نص على مساواة الزوار العرب بالمصريين. ووفقًا لبيان رسمي، فإن الفوارق الكبيرة في مستويات الدخل بين الزوار كانت أحد الأسباب الرئيسية لإعادة التصنيف.

أكد البيان أن هذا القرار يتماشى مع رؤية أوسع تهدف إلى تحقيق توازن بين إتاحة التراث الثقافي للجميع، وضمان الموارد المالية اللازمة لصيانته وتطوير الخدمات في المواقع الأثرية.

ازدهار السياحة العربية في مصر

يتزامن هذا القرار مع ارتفاع ملحوظ في أعداد السياح العرب. ففي عام 2024، استقبلت مصر حوالي 2.85 مليون سائح عربي، تصدرتهم السعودية، ثم الإمارات والكويت، وهو ما يمثل حوالي 18% من إجمالي عدد السياح.

في الربع الأول من عام 2025، بلغ عدد الزوار 3.9 ملايين، بزيادة قدرها 25% عن نفس الفترة من العام الماضي، وكانت النسبة الأكبر منهم من دول الخليج. وتسعى مصر لجذب 5 ملايين سائح عربي بنهاية العام الجاري من خلال خطط سياحية موسعة.

تعمل السلطات على زيادة الرحلات الجوية المباشرة من دول الخليج وتسهيل منح التأشيرات لمواطني دول المغرب العربي، بهدف تنشيط السوق العربي وتعظيم عوائده.

دعم مالي… وعدالة اقتصادية؟

يرى البعض أن القرار يتماشى مع المعايير الدولية في تسعير الخدمات السياحية. إذ يرى محمد عبد اللطيف، مساعد وزير الآثار الأسبق، أن هذه الخطوة "عادلة" و"ضرورية لتحقيق التوازن"، مؤكدًا أن "أنظمة التسعير المزدوج" موجودة في العديد من دول العالم.

وأضاف أن الأهم هو تحسين تجربة الزائر من حيث الخدمات والنظافة والإرشاد السياحي، معتبرًا أن رفع الأسعار لن يكون عائقًا حقيقيًا إذا شعر الزائر أن المقابل يستحق.

يؤيد ذلك أيضًا المرشد السياحي لؤي أحمد، الذي اعتبر أن التسعير السابق كان يتسبب في فجوة غير مبررة، مشيرًا إلى أن السائح العربي كان يدخل الأهرامات بمقابل زهيد مقارنة بالسائح الأجنبي. واعتبر أن إعادة الهيكلة خطوة نحو تحقيق العدالة في الإيرادات.

في المقابل، أعرب بعض الخبراء والمثقفين عن قلقهم من الأثر الرمزي والنفسي الذي قد يتركه القرار لدى الزائر العربي. واعتبر المؤرخ بسام الشماع أن القرار "يستحق إعادة نظر عاجلة"، لما قد يخلّفه من انطباع سلبي يُفقد السياحة بُعدها العاطفي والثقافي.

وقال الشماع إن السائح العربي اعتاد على امتياز معنوي كان يعكس "القرب الوجداني والثقافي" بين العرب ومصر، وقد يُشعره التعديل الحالي بـ"غربة سياحية".

كما نبّه إلى أن الزائر لا يشتري فقط تذكرة دخول، بل يُنفق على خدمات متكاملة، ما يجعل استمراره في زيارة المواقع الأثرية يعود بالفائدة الشاملة على الاقتصاد.

واقترح الشماع نماذج أخرى مثل المتحف البريطاني الذي يعتمد على التبرعات ومحلات بيع التذكارات، داعيًا إلى إعادة التفكير في القرار أو تقديم امتياز رمزي للسائح العربي.

القرار المصري بإعادة تصنيف السائح العربي ضمن فئة "الأجانب" يحمل رسائل اقتصادية وتنموية واضحة، لكنه يثير تساؤلات حول الرمزية الثقافية والسياسية لمعاملة السائح العربي، خاصة في بلد مثل مصر.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _راي اليوم

مشاركة المقال: