الخميس, 24 يوليو 2025 05:41 AM

الحسكة عطشى: أزمة المياه تثقل كاهل السكان.. وآمال معلقة على محطة علوك

الحسكة عطشى: أزمة المياه تثقل كاهل السكان.. وآمال معلقة على محطة علوك

دلسوز يوسف – الحسكة

للعام السادس على التوالي، يعيش سكان مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا معاناة مستمرة بسبب أزمة المياه المتفاقمة. هذا الوضع دفع الآلاف إلى الاعتماد على الخزانات المؤقتة التي توفرها المنظمات الدولية، في ظل غياب حلول جذرية واستمرار توقف محطة علوك، المصدر الرئيسي لمياه الشرب لسكان الحسكة وريفها.

منذ أواخر عام 2019، تخضع محطة علوك الواقعة في ريف سري كانيه/ رأس العين شمال الحسكة لسيطرة تركيا وفصائل موالية لها. ويتكرر إيقاف تدفق المياه من المحطة وانقطاعها بشكل مستمر، مما يحرم أكثر من مليون شخص في الحسكة والمخيمات التابعة لها من مياه الشرب، وفقًا لتقارير حقوقية ودولية.

يومان تحت الشمس مقابل 100 لتر

على الرغم من تقدمه في السن ومرضه، يقف عفيف السمان لساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة للحصول على 100 لتر من المياه، وهي حصة يومين يحصل عليها من خزان مؤقت في حي غويران، وضعته منظمات تابعة للأمم المتحدة. يعتمد غالبية سكان الأحياء الشعبية في الحسكة على هذه الخزانات التي تقدم المياه مجانًا منذ سنوات، وذلك بسبب ضعف القدرة الشرائية لتعبئة خزاناتهم المنزلية عبر الصهاريج المتنقلة التي تجوب المدينة مقابل بدل مادي.

يقول السمان لنورث برس: "نقضي يومين تحت الشمس مقابل 100 لتر، لكن هذه الكمية لا تكفينا مع حرارة الصيف واحتياجات الشرب والغسيل. حتى مياه الآبار التي نستخدمها للتنظيف غير صالحة للشرب وغالبًا لا تعمل بسبب انقطاع الكهرباء". ويضيف أن الكثير من السكان يضطرون أحيانًا لشراء المياه، لكنه خيار صعب، قائلاً: "أنا متقاعد، راتبي 300 ألف ليرة فقط، وتكلفة تعبئة خزان صغير تصل إلى 40 ألف ليرة"، مشيرًا إلى أن "بعض الأهالي يمتلكون آبارًا يستخدمونها لأغراض التنظيف لكنها مياه غير صالحة للشرب، وحتى هذه الآبار لا تعمل دائمًا بسبب غياب الكهرباء النظامية".

يشير الرجل السبعيني إلى أنه يضطر أحيانًا إلى شراء المياه بمبلغ 40 ألف ليرة سورية (4 دولار أميركي) لقاء ملئ خزان 5 براميل (1000 لتر)، مضيفًا: "عندما ننقطع من المياه نضطر إلى شرائها ولكن ليس بمقدور الجميع الشراء، أنا راتبي التقاعدي 300 ألف ليرة، وهذه صعوبة كبيرة لنا".

معاناة مستمرة ومشهد يتكرر يومياً

يضطر سالم العويد (70 عاماً)، من حي النشوة يومياً بعد نهاية عمله على سيارته الخاصة بالتنقل بين الأحياء حاملاً معه عبوات فارغة (غالونات) لملئها بالمياه لتغطية حاجة عائلته المؤلفة من 14 فرداً. تتفاقم أزمة المياه يوماً بعد آخر، فيما أصبحت مشاهد غالونات المياه محمولة على الأكتاف أو ضمن عربات الأطفال يجرها النساء والرجال جزءاً من المشهد اليومي في مدينة عطشى للعام السادس على التوالي.

يقول العويد بعدما وضع عبوات ممتلئة في صندوق سيارته، لنورث برس، "نحتاج لـ 200 لتر مياه يومياً ما بين الغسيل والتنظيف وغيرها، نلاقي صعوبة في الشراء من الصهاريج بسبب سوء الظروف المعيشية". ونتيجة جفاف الأنهار وقلة الامطار في السنوات الأخيرة، تتضاعف معاناة السكان المحليين بسبب جفاف الكثير من الآبار التي كانت تؤمن المياه للمستلزمات المنزلية.

ويشير العويد بحزن إلى أن الكثير من الآبار في حي النشوة جفت والحياة بدت صعبة من دون المياه".

آمال معلقة على إعادة تشغيل “علوك”

يقول خضر الجلاد من سكان حي غويران، وهو يجلس ساعات طويلة قرب إحدى الخزانات لتنظيم عملية توزيع المياه: "نمنح كل منزل خمس عبوات فقط أي 100 لتر وهي لا تكفي ولكن نحاول منع الفوضى، البعض لديه آبار بينهم أنا تغطي جزءاً من الحاجة، لكن المياه غير صالحة وهي فقط للتنظيف".

ويأمل الجلاد كحال سكان مدينة الحسكة، بعودة مياه محطة علوك قريباً، "نريد المياه من الحنفيات لكي ننتهي من هذه المعاناة التي حولت حياتنا إلى مأساة". وكانت مياه محطة علوك تغذي مليون نسمة في الحسكة، قبل أن تتحول نقاط توزيع المياه من الخزانات إلى معاناة للسكان وحدوث فوضى في بعض الأحيان.

ومع دخول بعثة مشتركة من الأمم المتحدة والصليب الأحمر إلى محطة “علوك”، في حزيران/ يونيو الماضي، لتقييم الوضع، تعلق الأسر آمالها على إعادة تشغيلها رغم إعلان الصليب الأحمر أن “ضمان تشغيلها بشكل مستدام سيستغرق وقتاً”، دون تحديد مدة زمنية. فيما غياب حلول بديلة مستدامة للمياه رغم مساع من الإدارة الذاتية في وقت سابق، تدفع السكان بالاعتماد على مصادر مياه غير آمنة عبر الصهاريج والتي تسببت بانتشار الكثير من الأمراض وخاصة في فصل الصيف، وفق تصريحات طبية سابقة لنورث برس.

وكانت اتفاقات سابقة برعاية وسطاء روس أو من منظمات اليونيسيف والصليب الأحمر وغيرها تقضي بتغذية آبار علوك بالكهرباء من محطة الدرباسية للكهرباء في منطقة الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا، على أن يتم ضخ المياه للحسكة وأريافها. وتكرر انقطاع  الضخ لعشرات المرات بسبب عدم الالتزام ببنود الاتفاقات وتعديات مسلحي الفصائل على خطي الكهرباء والمياه، بحسب مديرية مياه الحسكة التابعة للإدارة الذاتية.

تحرير: خلف معو

مشاركة المقال: