الأحد, 27 يوليو 2025 08:04 PM

نزوح قسري وخسائر فادحة: بدو السويداء يروون تفاصيل التهجير ويطالبون بالتعويض

نزوح قسري وخسائر فادحة: بدو السويداء يروون تفاصيل التهجير ويطالبون بالتعويض

درعا – محجوب الحشيش: يجلس حسين الحمود، وسط العشرات من المهجرين في مركز لإيواء النازحين في بلدة المليحة الشرقية بريف درعا الشرقي، يتحسر على مصير بدو جبل العرب بعد تهجيرهم من محافظة السويداء إثر الأحداث الدامية الأخيرة. يتساءل حسين، بعد أن سرد تفاصيل ما جرى معه، "من يعوضني خسارتي؟".

يقدر حسين الحمود خسائره بنحو مليار ليرة سورية، أي ما يعادل 100 ألف دولار أمريكي، وتشمل شقتين سكنيتين احترقتا، وجرارًا زراعيًا، و200 رأس غنم، ودراجة نارية. ويضيف حسين أنه خرج وعائلته بثيابهم فقط، بعد أن بنى ثروته بجهد مضاعف، حيث كان يعمل لثلاث ورديات يوميًا.

حمود البرجس، المقيم في نفس المركز، يوضح لعنب بلدي أنه خسر مشروعًا زراعيًا يمتد على 20 دونمًا من البندورة، كان على وشك الحصاد، بالإضافة إلى تركه 200 رأس غنم في منزله. يقدر سعر الخروف الواحد بمليوني ليرة سورية، ويتوقع حمود مصادرة أملاكه وتلف محصوله بسبب حاجته للمتابعة اليومية.

حمد الحمود يشير إلى ديونه في سوق "الهال" بالسويداء، والتي تبلغ 50 مليون ليرة سورية، بالإضافة إلى خسارته 50 رأسًا من الغنم، وسيارة زراعية، ودراجة نارية.

يذكر أن اشتباكات اندلعت بين عشائر البدو وفصائل محلية تنتمي للمكون الدرزي، على خلفية خطف سائق وسيارة زراعية في 12 تموز الحالي، وتطورت إلى تدخل وزارتي الدفاع والداخلية، أعقبه مواجهة من الفصائل بعد ورود أنباء عن انتهاكات من القوات الحكومية بحق سكان من الطائفة الدرزية.

بعد انسحاب القوات الحكومية، عقب تدخل علني لإسرائيل وقصفها للأرتال الحكومية ومبنى الأركان في دمشق في 16 تموز الحالي، تعرض سكان من عشائر البدو لانتهاكات وعمليات تصفية وإعدام وإحراق للممتلكات، مما استدعى تدخل العشائر من مختلف المحافظات السورية.

وقد اندلعت اشتباكات بين العشائر والفصائل المحلية الموالية للرئيس الروحي للطائفة الدرزية، حكمت الهجري، وعلى رأسها "المجلس العسكري في السويداء".

انخفضت وتيرة الاشتباكات بعد تدخل جهاز الأمن الداخلي التابع لوزارة الداخلية، وتطويق الحدود الإدارية بين درعا والسويداء وتطبيق وقف إطلاق النار برعاية دولية.

وثقت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" مقتل ما لا يقل عن 814 شخصًا وإصابة 903 آخرين في أحداث السويداء بين 13 و24 تموز الحالي، وتشمل الضحايا مدنيين، بمن فيهم أطفال وسيدات وأفراد من الطواقم الطبية، إضافة إلى مقاتلين من مجموعات عشائرية مسلحة من البدو، وأخرى محلية من أبناء المحافظة، وعناصر من قوى الأمن الداخلي ووزارة الدفاع.

"تهجير قسري" مستمر

لا تزال قوافل المهجرين من عشائر البدو تخرج من المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المحلية في السويداء، تنفيذًا لأحد بنود اتفاقية وقف إطلاق النار. وبينما تقول الحكومة السورية إن البدو خرجوا مؤقتًا من السويداء نظرًا للأوضاع الأمنية، يرى حقوقيون وناشطون أن ما يجري هو تهجير للعشائر.

مدير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، فضل عبد الغني، صرح لعنب بلدي في تقرير سابق، أن عمليات النقل التي تجري في السويداء لعائلات البدو هي عمليات تهجير قسري لأنها تتم باتجاه واحد دون عودة، ما لم توضح الحكومة عكس ذلك بالأفعال. وأضاف أن هؤلاء الأشخاص خرجوا دون إرادتهم وباتجاه واحد، وهم سكان يقيمون في المنطقة منذ مئات السنين.

من يعوضهم؟

اختلفت آراء الحقوقيين في درعا حول آلية تعويض خسائر البدو من المدنيين في السويداء، والجهة التي يجب أن تعوضهم. المحامي والناشط في توثيق الانتهاكات، عاصم الزعبي، يحمل الحكومة السورية مسؤولية تعويض المتضررين، على اعتبار أن ما حدث يقع ضمن حيزها الجغرافي. ويشير إلى أن المنظمات الدولية تقدم مساعدات إنسانية طبية وغذائية فقط.

من جانبه، يرى المحامي برهان الشعابين أن المسألة أعقد، إذ يجب أولًا تحديد إن كان التهجير قسريًا دائمًا أو مؤقتًا، ويرتبط هذا بقدرة الحكومة على بسط سيطرتها على المحافظة، وبعد ذلك تشكل لجنة لتقصي الحقائق.

مسؤولية "المجلس العسكري"

حمود البرجس، أحد سكان البدو المهجرين، يقول إنه لن يعود إلى بيته حتى تبسط الدولة سيطرتها على كامل المحافظة وتسحب سلاح "المجلس العسكري في السويداء".

المحامي طارق الخليل، عضو لجنة حقوق الإنسان في نقابة محامي درعا، يرى أن المسؤولية في تعويض الأضرار تقع على السبب المباشر، أي "المجلس العسكري في السويداء" فيما يخص أملاك المدنيين والجرائم التي لحقت بهم. ويرى أنه يجب توثيق الانتهاكات والخسائر، وأن نقابة المحامين قد تتطوع في الدفاع عن المتضررين.

ربط الخليل بين تدخل إسرائيل في القضية وبين القضايا المرفوعة ضدها في محكمة العدل الدولية، معتبرًا أنه من الممكن رفع دعاوى على "المجلس العسكري" باعتباره "إحدى أذرع الكيان الإسرائيلي".

مشاركة المقال: